للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قتَلهم وإن شاء استرقّهم لا غير، لقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} ، ١ بعد قوله: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} . ٢ ولنا: على جواز المنّ والفداء الآية المذكورة، "ومنَّ صلى الله عليه وسلم على ثمامة وأبي عزة الشاعر"، وقال في أسارى بدر: "لو كان المطعم بن عديّ حياً ثم سألني هؤلاء النتنى، لأطلقتهم له" ٣، "وفادى أسارى بدر وغيرهم". وأما القتل فـ"إنه قتل رجال بني النضير، وقتل يوم بدر النضر وعقبة بن أبي معيط صبرا، ً وقتل أبا عزة يوم أحد"، ولأن كل خصلة قد تكون أصلح. ومن لا يقرّ بالجزية، فيخيّر فيهم بين القتل والمنّ والفداء؛ والتخيير تخيير مصلحة واجتهاد لا تخيير شهوة. ومتى حصل عنده تردد فالقتل أولى. فمتى رأى القتل ضرب عنقه بالسيف، ولا يجوز التمثيل به، لحديث بريدة. "ويجوز الفداء بمال وبأسرى المسلمين، لفعله صلى الله عليه وسلم الأمرين". وعنه: لا يجوز بمال، كما لا يجوز بيع رقيق المسلمين للكفار.

ومنع أحمد من فداء النساء بالمال، لأن في إبقائهن تعريضاً للإسلام، وجوز "أن يفدي بهن أسرى المسلمين لفعله صلى الله عليه وسلم بالمرأة التي أخذها من سلمة بن الأكوع". وقال أحمد: لا يفادى بالصبيان، لأن الصبي يصير مسلماً بإسلام السابي، وكذلك المرأة إذا أسلمت لا يجوز ردها، لقوله: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} . ٤ وإن كان الصبي غير محكوم بإسلامه، كمن سبي مع أبويه، لم يجز فداؤه بمال كالمرأة، ويجوز بمسلم.

ومن استُرق أو فودي بمال كان للغانمين، لا نعلم فيه خلافاً، فإذا أسلم الأسير كان رقيقاً في الحال، وزال التخيير فيه، وقيل: يحرم قتله؛ ويخيّر بين المنّ والفداء والاسترقاق، وهذا الصحيح. فإن أسلم قبل الأسر، حرم ذلك كله، سواء أسلم وهو في حصر أو بضيق وغير ذلك.


١ سورة التوبة آية: ٥.
٢ سورة محمد آية: ٤.
٣ البخاري: فرض الخمس (٣١٣٩) , وأبو داود: الجهاد (٢٦٨٩) , وأحمد (٤/٨٠) .
٤ سورة الممتحنة آية: ١٠.

<<  <   >  >>