للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا نعلم خلافاً في أنه يجوز له أن يبذل مالاً لمن يدلّه على ما فيه مصالح المسلمين. "وقد استأجر النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة دليلاً"، فإن كان من مال الكفار جاز أن يكون مجهولاً، "لأنه صلى الله عليه وسلم جعل لسرية الثلث والربع".

وله أن ينفل في البدأة الربع بعد الخمس، وفي الرجعة الثلث بعده، وذلك إذا دخل الجيش بعث سرية تغير، وإذا رجع بعث أخرى، فما أتت به أخرج خمسه، وأعطى السرية ما جعل لها، وقسم الباقي للجيش والسرية معاً؛ وبهذا قال جماعة من أهل العلم. وعن عمرو بن شعيب: "لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ولعله احتج بقوله: {الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} . ١ وقال ابن المسيب ومالك: لا نفل إلا من الخمس. وقال الشافعي: من خمس الخمس. ولنا: حديث مسلمة: "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البدأة، والثلث في الرجعة"، ٢ وفي لفظ: "أنه كان ينفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قفل". رواهما أبو داود. وعن جرير أنه لما قدمه عمر في قومه قال له: "هل لك أن تأتي الكوفة، ولك الثلث بعد الخمس، من كل أرض وشيء؟ ". وذكر مكحول حديث حبيب بن مسلمة لعمرو بن شعيب حين قال: "لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: شغلك أكل الزبيب بالطائف"; وما ثبت له صلى الله عليه وسلم ثبت للأئمة بعده، ما لم يقم دليل التخصيص.

ولا يجوز أن ينفل أكثر من الثلث والربع، نص عليه؛ وهو قول الجمهور. وقال الشافعي: لا حدَّ للنفل، هو موكول إلى اجتهاد الإمام، لأن في حديث ابن عمر: "أنه نفل نصف السدس ونفل مرّة الثلث ومرة الربع"، وما ذكره يدل على أنه


١ سورة الأنفال آية: ١.
٢ أبو داود: الجهاد (٢٧٥٠) , وابن ماجة: الجهاد (٢٨٥٣) , وأحمد (٤/١٦٠) , والدارمي: السير (٢٤٨٣) .

<<  <   >  >>