للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس لأقله حد. ونحنُ نقول به، على أن هذا مع قوله: أن النفل من خمس الخمس، يناقض. وسئل أحمد: للأمير أن يعطي رجلاً رأساً من السبي أو دابة؟ قال: إذا كان رجل له غناء ونفائل، ذلك أنفع له، يحرضه هو وغيره. وقال: إذا نفل الإمام صبيحة مغار الخيل، فيصيب بعضهم وبعضهم لا يأتي بشيء، فللوالي أن يخص بعض هؤلاء الذين جاؤوا بشيء دون هؤلاء؛ وظاهره من غير شرط. وحجة هذا: حديث سلمة حين "أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فاتبعتهم. فأعطاني سهم الفارس والراجل". ١ رواه مسلم، وحديث تنفيل أبي بكر له المرأة. فإن قال: من فعل كذا فله كذا، جاز في قول الأكثر، وكره مالك هذا، وقال: قتالهم على هذا الوجه للدنيا، وقال: لا نفل إلا بعد إحراز الغنيمة. وقال: قوله: "من قتل قتيلاً فله سلبُه" ٢ بعد أن برد القتال. ولنا: تنفيل الثلث والربع، وما شرط عمر لجرير على أن يأتي الكوفة. وقوله: بعد ما برد القتال، جوابه: أن ذلك ثابت الحكم فيما يأتي من الغزوات.

والنفل لا يختص بنوع من المال. وقال الأوزاعي: لا نفل في الدراهم والدنانير، لأن القاتل لا يستحق شيئاً، منها فكذلك غيره. ولنا: حديث الثلث والربع وهو عام. وأما القاتل، فإنما نفل السلب فلا يستحق غير ما جعل له. قيل لأحمد: إذا قال: من رجع إلى الساقة فله دينار، والرجل يعمل في سياقة الغنم، قال: لم يزل أهل الشام يفعلون هذا. قيل له: فالإمام يخرج السرية وقد نفلهم جميعاً، فلما كان يوم المغار نادى: من جاء بعشرة رؤوس فله رأس، قال: لا بأس. قيل: نفلين في شيء واحد؟ قال: نعم، ما لم يستغرق الثلث. قال أحمد: "والنفل من أربعة أخماس الغنيمة"، هذا قول أنس بن مالك وفقهاء الشام. قال أبو عبيد: الناس اليوم على هذا. قال أحمد: كان ابن المسيب ومالك يقولان: لا نفل إلا من الخمس، فكيف خفي عليهما هذا مع علمهما؟


١ أبو داود: الجهاد (٢٧٥٢) .
٢ الترمذي: السير (١٥٦٢) , وأبو داود: الجهاد (٢٧١٧) , وأحمد (٥/٢٩٥) , ومالك: الجهاد (٩٩٠) .

<<  <   >  >>