للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال طائفة: إن شاء نفلهم قبل الخمس، وإن شاء بعده. وقال أبو ثور: النفل قبل الخمس، واحتج من ذهب إليه بحديث ابن عمر: "كانت سِهْمانهم اثني عشر بعيراً، فنفلوا بعيراً بعيراً". ولنا: حديث معن: "لا نفل إلا بعد الخمس"، ١ رواه أبو داود، وحديث حبيب: "كان ينفل الربع بعد الخمس"، ٢ وحديث جرير: "لك الثلث بعد الخمس"، ٣ ولقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية، ٤ يقتضي أن يكون خارجاً من الغنيمة، وحديث عمرو بن شعيب عن نافع عن ابن عمر قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد، وانبعث سرية من الجيش، فكانت سهمان الجيش اثني عشر بعيراً، ونفل أهل السرية بعيراً بعيراً"، إذ كانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيراً، فيمكن أن يكون نفلهم من أربعة الأخماس دون البقية؛ ويتعين حمله على هذا، لأنه لو أعطى جميع الجيش لم يكن ذلك نفلاً وكان قد قسم له أكثر من أربعة الأخماس، وهو خلاف الآية والأخبار. وكلام أحمد في أن النفل من أربعة الأخماس عام، ويحتمل أن قوله: من جاء بكذا فله كذا، أن يكون من الغنيمة كلها، وكذلك يحتمل أنه في زيادة بعض الغانمين على سهمه، ويكون من خمس الخمس المعد للمصالح. والمذهب الأول، لأن عطية سلمه سهم الفارس زيادة، إنما كان من أربعة الأخماس.

وإذا بعث سرية فنفلها الثلث أو الربع، فخص به بعضهم، أو جاء بعضهم بشيء فنفله ولم يأت بعضهم بشيء فلم ينفله، شارك من نفل من لم ينفل؛ نص عليه، لأن هؤلاء إنما أخذوا بقوة هؤلاء.

ويلزم الجيش طاعة الأمير، والنصح له، والصبر، لقوله تعالى: {وَأُولِي


١ أبو داود: الجهاد (٢٧٥٣) , وأحمد (٣/٤٧٠) .
٢ أبو داود: الجهاد (٢٧٤٩) , وأحمد (٤/١٦٠) .
٣ أبو داود: الجهاد (٢٧٤٨) , وابن ماجة: الجهاد (٢٨٥١, ٨٥٣) , وأحمد (٤/١٥٩, /١٦٠) , والدارمي: السير (٢٤٨٣) .
٤ سورة الأنفال آية: ٤١.

<<  <   >  >>