للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولنا أن أمر الأسير مفوض إلى الإمام وحديث زينب إنما صح بإجازة النبي صلى الله عليه وسلم وإذا شهد للأسير اثنان أو أكثر، أنهم أمنوه، قُبل إذا كانوا بصفة الشهود. وقال الشافعي: لا يقبل، لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم. ولنا: أنهم عدول غير متهمين، كما لو شهدوا على غيرهم أنه أمنه. فإن شهد واحد: أني أمنته، فقال القاضي: قياس قول أحمد: أنه يقبل، وهو قول الأوزاعي، ويحتمل أن لا يقبل، وبه قال الشافعي.

وصفة الأمان الذي ورد به الشرع لفظتان: أجرتك، وأمنتك، قال تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} ، ١ وقال: "من دخل دار أبي سفيان، فهو آمن"، ٢ وفي معناه: لا تخف، لا بأس عليك. وروي عن عمر أنه قال: "إذا قلتم: لا بأس، أو لا تذهل، أو مترس، فقد أمنتموه؛ فإن الله يعلم الألسنة"، ولا نعلم في هذا كله خلافاً.

فإن قال: قف، أو أقم، أو ألق سلاحك، فقيل: هو له أمان، لأن الكافر يعتقده أماناً. وقال الأوزاعي: إن ادعى الكافر أنه أمان فهو أمان، وإلا فلا يقبل. فإن قال: نويت به الأمان فهو أمان، وإن قال: لم أنوه، وقال الكافر: أعتقد أنا أماناً، رد إلى مأمنه. فإن أشار عليهم بما اعتقدوه أماناً، وقال: أردت به الأمان فهو أمان، وإن قال: لم أرد به الأمان فالقول قوله، لأنه أعلم بنيته. فإن خرجوا من حصنهم بهذه الإشارة، لم يقتلوا، ويردون إلى مأمنهم، لقول عمر: "والله لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى السماء إلى مشرك، فنزل بأمانه، فقتله، لقتلته به". رواه سعيد


١ سورة التوبة آية: ٦.
٢ أبو داود: الخراج والإمارة والفيء (٣٠٢١) .

<<  <   >  >>