وإن مات المسلم أو غاب، فإنهم يردون إلى مأمنهم، وبه قال مالك والشافعي وابن المنذر. ومن جاء بمشرك وادعى أنه أمّنه، فأنكر، فالقول قوله. وعنه: قول الأسير. وعنه: من تدل الحال على صدقه. وإن طلب الأمان ليسمع كلام الله، وجب إجابته، ثم يرد إلى مأمنه، لا نعلم فيه خلافاً، للآية. قال الأوزاعي: هي إلى يوم القيامة. وإذا دخل حربي دار إسلام بغير أمان، فادعى أنه رسول، قُبل منه ولم يجز التعرض له، لقوله:"لولا أن الرسل لا تقتل ... إلخ". وإن ادعى أنه تاجر، وقد جرت العادة بدخول تجارهم إلينا، لم يعرض له إذا كان معه ما يبيعه، لأنهم دخلوا يعتقدون الأمان. قال أحمد: إذا ركب القوم في البحر فاستقبلهم تجار مشركون من أرض العدو، يريدون دار الإسلام، لم يعرضوا لهم؛ وكل من دخل بلاد الإسلام من أرض الحرب بتجارة بويع، ولا يسأل عن شيء. وإن كان ممن ضل في الطريق، أو حملته الريح في مركب إلينا، فهو لمن أخذه، في إحدى الروايتين. والأخرى: يكون فيئاً، لأنه أخذ بغير قتال. روي عن أحمد أنه سئل عن: الدابة تخرج من بلد الروم فتدخل القرية؟ وعن القوم يضلون في الطريق فيدخلون القرية؟ قال: تكون لأهل القرية يتقاسمونها. وقال الزهري: غنيمة، وفيها الخمس. ومن دخل دار الحرب رسولاً أو تاجراً، فخيانتهم محرمة عليه، لأنهم إنما أعطوه الأمان مشروطاً بترك خيانتهم، وكذلك من جاءنا منهم بأمان، فمتى خان انتقض عهده.
وإذا أودع المستأمن ماله مسلماً أو أقرضه، ثم عاد إلى دار الحرب، بقي الأمان في ماله، فإذا طلبه صاحبه بعث إليه، وإن مات في دار الحرب انتقل