للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المال إلى وارثه ولم يبطل الأمان فيه. وقال أبو حنيفة والشافعي: يبطل، لأنه صار لورثته ولم يعقد فيه أماناً. ولنا: أن الأمان حق لازم متعلق بالمال، وهذا اختيار المزني؛ وإن لم يكن وارثاً صار فيئاً.

وإن أخذ المسلم من الحربي مالاً وديعة أو مضاربة، فدخل بها دار الإسلام، فهو في أمان.

وإن أطلقوا الأسير بشرط أنه يقيم عندهم مدة، لزمه الوفاء، لقوله: "المؤمنون عند شروطهم"، وقال الشافعي: لا يلزمه. وإن أطلقوه وأمنوه صاروا في أمان منه، لأن أمانهم له يقتضي سلامتهم منه. وإن لم يشرطوا شيئاً، أو شرطوا كونه رقيقاً، فله أن يقتل ويسرق ويهرب. وإن أحلفوه على ذلك، وكان مكرهاً، لم تنعقد يمينه. وإن أطلقوه بشرط أن يبعث إليهم مالاً، وإن عجز عنه عاد إليهم، لزمه الوفاء، إلا أن تكون امرأة. وقال الخرقي: لا يرجع الرجل أيضاً، نص عليه. وإن كان مكرهاً، لم يلزمه الرجوع ولا الفداء، لقوله: "عُفي لأمتي ... إلخ". وإن لم يكره وقدر على الفداء، لزمه، وبه قال الحسن وغيره. وقال الشافعي: لا يلزمه، لأنه حر لا يستحقون بدله. ولنا: قوله: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} . ١ ولما صالح أهل الحديبية وفى لهم، وقال: "لا يصلح في ديننا الغدر"، ولأن الوفاء مصلحة للأسارى، وفي الغدر مفسدة في حقهم. فإن عجز أو كانت امرأة، لم ترجع، لقوله: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الآية. ٢ وفي الرجل روايتان: إحداهما: لا يرجع، وبه قال الحسن والنخعي والشافعي، لأن الرجوع إليهم معصية. والثانية: يلزمه، وهو قول الزهري والأوزاعي، لقصة أبي بصير.

وإذا اشترى المسلم أسيراً بإذنه، لزمه أن يؤدي إلى الذي اشتراه ما أداه


١ سورة النحل آية: ٩١.
٢ سورة الممتحنة آية: ١٠.

<<  <   >  >>