للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشتري: أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه، أو إن ظهر فيه عيب، أو استحق، رجع على الضامن. وعن البائع: أن يضمن الثمن متى خرج المبيع مستحقاً، أو رد بعيب أو أرش العيب. والعهدة: الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع، ويذكر فيه الثمن، فعبر به عن الثمن الذي يضمنه. وحكي عن أبي يوسف: إذا قال: ضمنت عهدته، لم يصح لأن العهدة الصك بالابتياع، كذا فسره أهل اللغة، وليس بصحيح، لأنها في العرف عبارة عن الدرك، والمطلق يحمل على الأسماء العرفية.

وممن أجاز ضمان العهدة في الجملة: أبو حنيفة ومالك والشافعي. ولا يصح ضمان الأمانات، كالوديعة، والعين المؤجرة، والشركة، والمضاربة، والعين المدفوعة إلى الخياط، لأنها غير مضمونة على صاحب اليد. وإن ضمن التعدي فيها، فظاهر كلام أحمد: صحة ضمانها. فأما الأعيان المضمونة، كالغصوب، والعواري، والمقبوضة على وجه السوم، فيصح ضمانها.

ويصح ضمان الجعل في الجعالة، وفي المسابقة والمناضلة، وقال أصحاب الشافعي: لا يصح في أحد الوجهين، لأنه لا يؤول إلى اللزوم، أشبه مال الكتابة. ولنا: قوله: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} ١.

وإن ضمن وقضى بغير أمره، ففيه روايتان: إحداهما: يرجع. والثانية: لا يرجع، بدليل حديث علي وأبي قتادة، فإنهما لو استحقا الرجوع على الميت صار الدين لهما، وكانت ذمة الميت مشغولة.

ووجه الأولى: أنه قضاء مبرئ من ديْن واجب، كالحاكم إذا قضى عنه عند امتناعه. فأما علي وأبو قتادة فإنهما تبرعا، فإنهما قضيا ديناً قصداً لتبرئة ذمته، مع علمهما أنه لم يترك وفاء؛ والمتبرع لا يرجع بشيء وإنما


١ سورة يوسف آية: ٧٢.

<<  <   >  >>