الخلاف في المحتسب. وإن اعترف المضمون له بالقضاء وأنكر المضمون عنه، لم يسمع إنكاره. وفيه وجه: أنه لا يقبل، لأن الضامن مدّع بما يستحق الرجوع به، وقول المضمون له شهادة على فعل نفسه، فلا يقبل. والأول أصح. وشهادة الإنسان على فعل نفسه صحيحة، كشهادة المرضعة، وقد ثبت ذلك بخبر عقبة بن الحارث.
(فصل) : الكفالة التزام إحضار المكفول به، وجملة ذلك أن الكفالة بالنفس صحيحة، في قول أكثر أهل العلم. وقال الشافعي في بعض أقواله: الكفالة بالبدن ضعيفة. فمن أصحابه من قال: مراده: ضعيفة في القياس، وإلا فهي صحيحة، للإجماع والأثر. ومنهم من حكى قولين. ولنا: قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} . ١ وتصح ببدن كل من يلزمه الحضور في مجلس الحكم بديْن لازم، معلوم أو مجهول. وتصح ببدن المحبوس والغائب. وقال أبو حنيفة: لا تصح. وتصح بالأعيان المضمونة، كالغصوب والعواري. ولا تصح ببدن من عليه حد أو قصاص، وهو قول أكثر العلماء. واختلف قولا الشافعي في حدود الآدميين كالقذف، فقال في موضع: لا كفالة في حد ولا لعان. وقال في موضع: يجوز، قال: لأنه حق لآدمي. ولنا: ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، مرفوعاً:"لا كفالة في حد"، ولأن الكفالة استيثاق، والحدود مبناها على الدرء بالشبهات، ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر إحضار المكفول به كحد الزنى.