وابن سيرين والنخعي:"أنه لا بأس به". وعن الحسن وابن سيرين أنهما كانا لا يريان بأسا بالعروض أن يأخذها عن حقه قبل محله. وإذا صالحه عن ألف حالّ بنصفه مؤجل اختياراً منه، صح الإسقاط، فلم يلزم التأجيل لأن الحال لا يتأجل. ولو صالح عن المائة الثابتة بالإتلاف بمائة مؤجلة، لم تصر مؤجلة، وعنه: أنها تصير مؤجلة. وإن صالح إنساناً ليقرّ له بالعبودية، أو امرأة لتقرّ له بالزوجية لم يصح، لأنه يحلّ حراماً، فإن إرقاق الحر نفسه لا يحل بعوض ولا غيره. فإن دفعت المرأة عوضاً عن الدعوى، ففيه وجهان. وإن دفع المدعى عليه العبودية إلى المدعي صلحاً صح، لأنه يجوز أن يعتق عبده بمال.
النوع الثاني: أن يصالحه عن الحق بغير جنسه، فهو معاوضة، مثل أن يقرّ له بمائة درهم، فيصالحه عنها بعشرة دنانير، فهذا يشترط له شروط الصرف، أو يعترف له بعروض فيصالحه على أثمان أو بالعكس، فهذا بيع يثبت فيه أحكامه، أو يصالحه على سكنى دار، أو يعمل له عملاً معلوماً، فتكون إجارة لها حكمها. وإن صالحت المرأة بتزويج نفسها صح. وإذا ادعى زرعاً في يد رجل فأقر له به، ثم صالحه على دراهم، جاز على الوجه الذي يجوز به بيع الزرع.
ويصح الصلح عن المجهول بمعلوم، سواء كان عيناً أو ديناً، إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته. وقال ابن أبي موسى: الصلح الجائز هو صلح الزوجة من صداقها الذي لا بيّنة لها به ولا علم لها ولا للورثة بمبلغه، وكذلك الرجلان يكون بينهما المعاملة لا علم لواحد منهما بما عليه لصاحبه، وكذلك من عليه حق لا علم له بقدره، وسواء كان صاحب الحق يعلم قدره ولا بيّنة له أو لا. وقال الشافعي: لا يصح الصلح عن مجهول، لأنه فرع البيع.