فقال له عمر: لِمَ تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع؟ تسقي به أولاً وآخراً؟ فقال: لا والله. فقال عمر: والله ليمرّنّ به ولو على بطنك. فأمره عمر أن يمر به، ففعل". رواه في الموطإ. وإن صالحه على أن يسقي أرضه من نهره، وقدره بشيء يعلم به، لم يجز؛ ذكره القاضي، لأن الماء ليس بمملوك، ولا يجوز بيعه، ولأنه مجهول. قال: وإن صالحه على سهم من النهر جاز، وكان بيعاً للقرار، والماء تابع له. ويحتمل أن يجوز الصلح على السقي، لأن الحاجة تدعو إليه، والماء مما يجوز أخذ العوض عنه في الجملة.
وإن حصل في هوائه أغصان شجرة غيره، فطالبه بإزالتها، فله ذلك؛ فإن أبى، فله قطعها. وإن صالحه عن ذلك بعوض، فقال أبو الخطاب: لا يصح. وقال ابن حامد وابن عقيل: يجوز. فإن اتفقا على أن الثمرة له أو بينهما، جاز ولم يلزم. نقل عن مكحول أنه قال: أيما شجرة ظللت على قوم، فهم بالخيار بين قطع ما ظلل أو أكل ثمرها. ويحتمل أن لا يصح، وهو قول الأكثر، لأن الثمرة مجهولة وجزؤها مجهول. قال شيخنا: ويقوى عندي أن الصلح هنا يصح، فإن إلزام القطع ضرر كبير، وفي الترك من غير نفع يصل إلى صاحب الهواء ضرر عليه، ولأنه مجرد إباحة كقول كل واحد منهما: اسكن في داري وأسكن في دارك من غير تقدير مدة، أو أبيحك الأكل من بستاني وأبحني الأكل من بستانك. وفيما ذكرنا نظر للفريقين. وكذا الحكم فيما امتد من عروق شجر إنسان إلى أرض جاره، سواء أثرت ضرراً مثل تأثيرها في طي الآبار أو لم تؤثر، فالحكم في قطعه والصلح عنه كالغصن.
ولا يجوز أن يشرع إلى طريق نافذ جناحاً أو ساباطاً أو دكاناً، سواء كان يضر بالمارة أو لاَ، أذن الإمام أو لم يأذن. وقال ابن عقيل: إن لم يكن فيه ضرر