للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنه معاوضة، قلنا: في حقهما أم أحدهما؟ الأول: ممنوع. والثاني: مسلّم. والمدعي يأخذ عوض حقه لعلمه بثبوت، والمنكر يدفع المال لدفع الخصومة واليمين عنه، كشرائه عبداً شهد بحريته، فهو معاوضة في حق البائع واستنقاذ في حقه. وإذا أخذ المدعي شقصاً في دار أو عقار ثبتت فيه الشفعة، فإن كان أحدهما عالماً بكذب نفسه، فالصلح باطل في حقه وما أخذه حرام عليه. وإن صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه صح، ولم يرجع عليه. وإن كان المدعى عيناً فقال أجنبي للمدعي: أنا أعلم أنك صادق، فصالحني عنها فإني قادر على استنقاذها، فقال: أصحابنا يصح، وهو مذهب الشافعي. فإن قال للمدعي: أنا وكيل المدعى عليه، وهو مقر لك وإنما يجحدها في الظاهر، فقال القاضي: يصح الصلح، وهو مذهب الشافعي.

ويجوز الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه، سواء كان مما يجوز بيعه أو لا، فيصح عن دم العمد، وسكنى الدار، وعيب المبيع. ومتى صالح عما يوجب القصاص بأكثر من ديته أو أقل جاز. وإن صالح عن حق الشفعة لم يصح، لأنه حق شرع على خلاف الأصل لدفع ضرر الشركة، فإذا رضي بالتزام الضرر سقط الحق، ولم يجز أخذ العوض عنه، لأنه ليس بمال، فهو كحد القذف. وإن صالحه على أن يجري على أرضه أو سطحه ماء معلوماً صح، وإذا أراد أن يجري ماء في أرض غيره لغير ضرورة، لم يصح إلا بإذنه. وإن كان لضرورة، مثل أن يكون له أرض لها ماء لا طريق له إلا أرض جاره، فهل له ذلك؟ على روايتين: إحداهما: لا يجوز. والأخرى: يجوز، لما روي: "أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى، فكلم فيه عمر. فدعا محمداً وأمره أن يخلي سبيله. فقال: لا والله.

<<  <   >  >>