للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه قيل له: رجل له أرض ولآخر ماء، يشتركان في الزرع يكون بينهما؟ قال: لا بأس، وكذا الكلأ النابت في أرضه، فكله يخرج على الروايتين في الماء. قال الأثرم: سئل أبو عبد الله: عن قوم بينهم نهر، فجاء يومي ولا أحتاج إليه، أكريه بدراهم؟ قال: ما أدري. "أما النبي صلى الله عليه وسلم فنهى عن بيع الماء"، فقيل له: إنما أكريه، قال: إنما احتالوا بهذا ليحسنوه، فأي شيء هذا إلا البيع؟ وروى الأثرم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "المسلمون شركاء في ثلاث: في النار، والكلإ، والماء"؛ ١ والخلاف فيه إنما هو قبل حيازته. فأما ما يحوزه من الماء في إنائه، أو يأخذه من الكلإ في حبله، أو يأخذه من المعادن، فإنه يملكه بغير خلاف، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يأخذ أحدكم حبلاً فيأخذ حزمة من حطب، فيبيع فيكفّ بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أُعطي أو مُنع". ٢ رواه البخاري. وروى أبو عبيد: "أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء، إلا ما حمل منه". وعلى هذا مضت العادة في الأمصار من غير نكير. قال أحمد: إنما نهي عن بيع فضل ماء البئر والعيون في قراره، و"قد اشترى عثمان بئر رومة من يهودي، وسبّلها للمسلمين"، وروي: "أنه اشترى منه نصفها وقال: اختر إما أن تأخذ يوماً وآخذ يوماً، وإما أن تنصب دلواً وأنصب دلواً. فاختار يوماً ويوماً. فكان الناس يسقون منها يوم عثمان لليومين. فقال اليهودي: أفسدت عليَّ بئري، فاشترِ باقيها. فاشترى باقيها". وفيه دليل على صحة بيعها، وملك ما يستقيه منها، وجواز قسمة مائها، وكون مالكها أحق بمائها، وجواز قسمة ما فيه حق وليس بمملوك.

وإذا اشترى ممن في ماله حلال وحرام، كالسلطان الظالم والمرابي، فإن علم أن المبيع من حلال فهو حلال، وإن علم أنه من الحرام فهو حرام، وإن لم يعلم من أيهما


١ أبو داود: البيوع (٣٤٧٧) , وأحمد (٥/٣٦٤) .
٢ البخاري: الزكاة (١٤٧١) , وابن ماجة: الزكاة (١٨٣٦) , وأحمد (١/١٦٤, ١/١٦٧) .

<<  <   >  >>