ويقصده الحاضر، وبالناس حاجة إليها. وظاهر كلام الخرقي: أنه يحرم بثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون الحاضر قصد البادي ليتولى البيع، فإن كان هو القاصد للحاضر جاز، لأن التضييق حصل منه لا من الحاضر.
الثاني: أن يكون البادي جاهلاً بالسعر، قال أحمد: إذا كان البادي عارفاً بالسعر لم يحرم، لأن التوسعة لا تحصل بتركه بيعها.
الثالث: أن يكون جلبها للبيع، فإن جاء بها ليأكلها أو يخزنها فليس لبيع الحاضر له تضييق.
وذكر القاضي شرطين آخرين:
أحدهما: أن يكون مريداً لبيعها بسعر يومها، فإن كان في نفسه ألا يبيعها رخيصة، فليس في بيعه تضييق.
الثاني: أن يكون بالناس حاجة إليها وضرر في تأخير بيعها. فأما شراؤه له فيصح، رواية واحدة؛ وكرهه طائفة أخرى، فروي عن أنس قال:"كان يقال: هي كلمة جامعة تقول: "لا تبيعنّ له شيئاً، ولا تبتاعنّ له شيئاً"". وأما إن أشار الحاضر عليه من غير أن يباشر البيع، فقد رخص فيه طلحة بن عبيد الله وابن المنذر، وكرهه مالك والليث، وقول الصحابي أولى. وليس للإمام أن يسعّر على الناس، بل يبيع الناس أموالهم على ما يختارون. وكان مالك يقول: يقال لمن يريد أن يبيع أقل مما يبيع الناس: بع كما يبيع الناس وإلا فاخرج عنا، واحتج بقول عمر لحاطب. ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال"، ١ وأمّا حديث عمر فقد روي فيه: "أنه لما رجع حاسَب نفسه، ثم أتى حاطباً فقال: