إن الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد؛ فبع كيف شئت".
و"من باع سلعة بنسيئة، لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها به، إلا إن تغيّرت صفتها"، روي ذلك عن ابن عباس والحسن وغيرهما، وأجازه الشافعي. ولنا: حديث عائشة، وقال ابن عباس في مثل هذه: "أرى مائة بخمسين، بينهما حريرة"، يعني: خرقة جعلاها في بيعها. والذرائع معتبرة، فإذا اشتراها بعرض أو كان بيعها الأول بعرض، فاشتراها بنقد، جاز بيعها لا نعلم فيه خلافاً، لأن التحريم لشبهة الربا؛ ولا ربا بين الأثمان والعروض. فإن باعها بنقد، ثم اشتراها بنقد آخر، فقال أصحابنا: يجوز، لأنه لا يحرم التفاضل بينهما. وقال أبو حنيفة: لا يجوز، لأنهما كالشيء الواحد في معنى الثمنية، وقال شيخنا: وهذا أصح، إن شاء الله. وهذه مسألة العِينة، روى أبو داود عن ابن عمر، مرفوعاً: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"، ١ وهذا وعيد يدل على التحريم. وروي عن أحمد أنه قال: العِينة: أن يكون عند الرجل المتاع فلا يبيعه إلا بنسيئة، فإن باع بنقد ونسيئة، فلا بأس. وقال: أكره للرجل ألا يكون له تجارة غير العينة، لا يبيع بنقد. قال ابن عقيل: إنما كره لمضارعته الربا. فإن باع سلعة بنقد، ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة، فقال أحمد: لا يجوز، إلا أن تتغير السلعة.
وإن باع ما يجري فيه الربا بنسيئة، ثم اشترى منه بثمنه قبل قبضه من جنسه، وما لا يجوز بيعه به نسيئة، لم يصح، روي ذلك عن ابن عمر وغيره. وأجازه سعيد بن جبير وعلي بن الحسين والشافعي. ووجه التحريم: أنه ذريعة إلى