للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عمر، فإن قال أحدهما لصاحبه: اختر، فالساكت على خياره، وأما القائل فيحتمل أن يبطل خياره، لقوله: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر ". ١ رواه البخاري، ولأنه جعل لصاحبه ما ملكه؛ ويحتمل أن لا يبطل. ويحتمل الحديث على أنه خيره فاختار، كما لو جعل لزوجته الخيار، فلم تختر شيئاً. والأول أولى، لظاهر الحديث، ويفارق الزوجة لأنه ملكها ما لم تملك، فإذا لم تقبل سقط. وهنا كل واحد منهما يملك الخيار، فلم يكن قوله تمليكاً، إنما هو إسقاط فسقط.

(الثاني: خيار الشرط) وإن طال، وأجازه مالك فيما زاد على الثلاث بقدر الحاجة، مثل قرية لا يصل إليها في أقل من أربعة أيام، وقال الشافعي: لا يجوز أكثر من ثلاث، لما روي عن عمر أنه قال: "لا أجد لكم أوسع مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان، جعل له الخيار ثلاثة أيام". ولنا: أنه حق يعتمد الشرط، فرجع في تقديره إلى مشترطه كالأجل، ولم يثبت ما روي عن عمر؛ وقد "روي عن أنس خلافه". وتقدير مالك بالحاجة لا يصح، فإنه لا يمكن ضبط الحكم بها لخفائها واختلافها. وقولهم: إن الخيار ينافي مقتضى البيع، لا يصح، لأن مقتضاه نقل الملك، والخيار لا ينافيه وإن سلمنا ذلك، لكن متى خولف الأصل لمعنى في محل، وجب تعدية الحكم لتعدي ذلك المعنى.

ولا يجوز مجهولاً كنزول المطر، وعنه: يجوز، وهما على خيارهما، إلا أن يقطعاه، أو تنتهي مدته إن كان مشروطاً إلى مدة. وقال مالك: يصح، ويضرب لهما مدة يختبر المبيع بمثلها في العادة، لأن ذلك مقدر في العادة؛ فإذا أطلقا حمل عليه. وإذا قلنا: يفسد الشرط، فهل يفسد البيع؟ على روايتين: إحداهما: يفسد كنكاح الشغار. والثانية: لا يفسد العقد، لحديث بريرة.


١ البخاري: البيوع (٢١٠٩) , ومسلم: البيوع (١٥٣١) , والترمذي: البيوع (١٢٤٥) , والنسائي: البيوع (٤٤٦٥, ٤٤٦٦, ٤٤٦٧, ٤٤٦٨, ٤٤٦٩, ٤٤٧٠, ٤٤٧١, ٤٤٧٣, ٤٤٧٤, ٤٤٨٠) , وأبو داود: البيوع (٣٤٥٤) , وأحمد (١/٥٦, ٢/٤, ٢/٩, ٢/٧٣) , ومالك: البيوع (١٣٧٤) .

<<  <   >  >>