للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن شرطه إلى الحصاد والجذاذ، احتمل أن يصح، لأنه لا يكثر تفاوته ولا يثبت إلا في البيع، والصلح بمعناه. والإجارة في الذمة أو على مدة لا تلي العقد، فأما الإجارة المعينة التي تلي العقد فلا، لأن دخوله يقتضي فوات بعض المنافع المعقود عليها، واستيفاءها في مدة الخيار، وكلاهما لا يجوز. وذكر القاضي مرة مثل هذا، ومرة قال: يثبت فيها خيار الشرط، قياساً على البيع. وإن شرطاه إلى الغد، لم يدخل في المدة، وعنه: يدخل. وإن شرطاه مدة، فابتداؤها من حين العقد؛ ويحتمل أن يكون من حين التفرق. وإن شرط الخيار لغيره جاز، وكان توكيلاً له فيه.

وإن قال: بعتك على أن استأمر فلاناً، وحدَّ ذلك بوقت معلوم، فهو خيار صحيح، وله الفسخ قبل أن يستأمره، لأنّا جعلناه كناية عن الخيار. وإن لم يضبطه بمدة، فهو مجهول، فيه من الخلاف ما ذكرنا. وإن شرطاه لأحدهما دون صاحبه، صح، ولمن له الخيار الفسخ بغير حضور صاحبه، ولا رضاه. وقال أبو حنيفة: ليس له الفسخ إلا بحضور صاحبه، كالوديعة. وما ذكره ينتقض بالطلاق، والوديعة لا حق للمودع فيها، ويصح فسخها مع غيبته. فإن قال أحدهما عند العقد: لا خلابة، فقال أحمد: ذلك جائز، وله الخيار إن خلبه، لحديث: "إذا بايعت، فقل: لا خلابة! "، ١ ويحتمل أن يكون الخبر خاصاً بحبان، لأنه روي "أنه عاش إلى زمن عثمان، فكان يبايع الناس ثم يخاصمهم، فيمر به بعض الصحابة فيقول لمن يخاصمه: إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له الخيار ثلاثاً"، وهذا يدل على اختصاصه به. وقال بعض الشافعية: إن كانا عالمين أن ذلك عبارة عن خيار لثلاث، ثبت، لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال". ٢ ولنا: أن هذا اللفظ لا يقتضي الخيار مطلقاً، ولا تقييده بثلاث.


١ البخاري: البيوع (٢١١٧) , ومسلم: البيوع (١٥٣٣) , والنسائي: البيوع (٤٤٨٤) , وأبو داود: البيوع (٣٥٠٠) , وأحمد (٢/٤٤, ٢/٦١, ٢/٧٢, ٢/٨٠, ٢/٨٤, ٢/١٠٧, ٢/١١٦, ٢/١٢٩) , ومالك: البيوع (١٣٩٣) .
٢ ابن ماجة: الأحكام (٢٣٥٥) .

<<  <   >  >>