الخيار له إذا هبط السوق، ولولا ذلك لكان الخيار له من حين البيع. وظاهر كلام الخرقي: أن الخيار يثبت بمجرد الغبن، وإن قل، والأولى أن يقيد بما يخرج عن العادة. وقال أصحاب مالك: إنما نهى عن تلقي الركبان، لما يفوت به من الرفق بأهل السوق، لئلا ينقطع عنهم ما له جلسوا من ابتغاء فضل الله. قال ابن القاسم: فإن تلقاها متلقٍ فاشتراها، عرضت على أهل السوق فيشتركون فيها. وقال الليث: تباع في السوق؛ وهذا مخالف لمدلول الحديث، فـ"إنه صلى الله عليه وسلم جعل الخيار للبائع إذا هبط السوق"، ولم يجعلوا له خياراً، وجعْله الخيار له يدل على أن النهي عن التلقي لحقه. فإن تلقاهم فباعهم شيئاً فهو كمن اشترى منهم. وهذا أحد الوجهين للشافعية. وقالوا في الآخر: النهي عن الشراء دون البيع فلا يدخل. ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تلقوا الركبان"، ١ والبائع داخل فيه. فإن خرج لغير قصد التلقي، فقال القاضي: لا يجوز الابتياع منهم ولا الشراء، ويحتمل أن لا يحرم ذلك، وهو قول الليث، لأنه لم يتناوله النهي.
(الثانية) : النجش وهو: أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، ليغر المشتري. فإن اشترى معه، فالشراء صحيح في قول أكثر العلماء، وعنه: أنه باطل، وهو قول مالك للنهي. ولنا: أن النهي عاد إلى الناجش، لا إلى العاقد، ولأن النهي لحق آدمي كبيع المدلس، وفارق ما كان لحق الله تعالى؛ فإن حق الآدمي يمكن جبره بالخيار وزيادة في الثمن. لكن إن كان فيه غبن لم تجر العادة بمثله، فله الخيار. وقال أصحاب الشافعي: إن لم يكن ذلك يعلم من البائع، فلا خيار. واختلفوا فيما إذا كان بمواطأة منه، فقال بعضهم: لا خيار. ولنا: أنه تغرير بالعاقد، فإذا غبن ثبت له الخيار، كما في تلقي الركبان.