للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو قال: أُعطيت بهذه السلعة ما لم يُعط، فصدقه ثم كان كاذباً، فله الخيار، لأنه في معنى النجش.

(الثالثة) : المسترسل إذا غبن الغبن المذكور، ثبت له الخيار، وبه قال مالك. وقيل: لا فسخ له، وهو مذهب الشافعي. ولنا: أنه غبن حصل لجهله، فأثبت له الخيار، كالغبن في تلقي الركبان.

وإذا وقع البيع على غير معيّن، كقفيز من صبرة، فظاهر قول الخرقي أنه يلزم بالتفرق. وقال القاضي في موضع ما يدل على أنه لا يلزم إلا بالقبض، لأنه لا يملك بيعه ولا التصرف فيه، ولأنه لو تلف فهو من ضمان البائع.

ووجه اللزوم: قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن تفرّقا بعد أن تبايعا، ولم يترك أحدهما البيع، فقد وجب البيع". ١ وما ذكرناه للقول الآخر ينتقض بالموصوف والسلم، فإنه لازم مع ما ذكرناه.

(الرابع: خيار التدليس) بما يزيد به الثمن، كتصرية اللبن في الضرع، وتحمير وجه الجارية، وتسويد شعرها، وذلك حرام، لقوله: "مَن غشنا فليس منا"، ٢ وقوله: " لا تصرّوا الإبل". ٣ فمن اشترى مصرّاة فله الخيار، في قول عامة أهل العلم. وقال أبو حنيفة ومحمد: لا خيار له، لأنه ليس بعيب، كما لو علفها فانتفخ بطنها فظن المشتري أنها حامل؛ وهذا قياس يخالف النص، واتباع قول النبي صلى الله عليه وسلم أولى، ولأنه تدليس يختلف به الثمن، فوجب به الرد، كالشمطاء إذا سوّد شعرها؛ وبه يبطل قياسهم، فإن بياضه ليس بعيب كالكبر، وانتفاخ البطن قد يكون لغير الحمل. وإن علم بالتصرية، فلا خيار.

وقال أصحاب الشافعي: يثبت له في وجه، للخبر، فإن حصل هذا من غير تدليس، مثل إن اجتمع اللبن من غير قصد، أو احمر وجهها لخجل أو تعب، فقال القاضي: له الرد أيضاً لدفع الضرر، أشبه العيب، ويحتمل أن'


١ البخاري: البيوع (٢١١٢) .
٢ مسلم: الإيمان (١٠١) , وابن ماجة: الحدود (٢٥٧٥) , وأحمد (٢/٣٢٩, ٢/٤١٧) .
٣ البخاري: البيوع (٢١٤٨) , والنسائي: البيوع (٤٤٨٧) , وأحمد (٢/٤٦٥) .

<<  <   >  >>