للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"من اشترى غنماً مصرّاة فاحتلبها، فإن شاء أمسكها، وإن سخطها ففي حلبتها صاع". ١ ولنا: قوله: "من اشترى مصرّاة". ٢ وأما الحديث فالضمير فيه يعود إلى الواحدة؛ فإن كان اللبن بحاله لم يتغير رده وأجزأه، ويحتمل أن لا يجزئه إلا التمر، لظاهر الخبر، ولأن الضرع أحفظ له. ولو اشترى شاة غير مصراة فاحتلبها، ثم وجد بها عيباً، فله الرد. فإن لم يكن في ضرعها شيء في حال العقد، فلا شيء عليه، لأن اللبن الحادث في ملكه. وإن كان يسيراً لا يخلو الضرع من مثله، فلا شيء عليه. وإن كان كثيراً وكان قائما بحاله، ابتنى رده على رد لبن المصراة للنص. فإن قلنا يردّه، رد مثل اللبن، لأنه من المثليات، والأصل ضمانها بمثلها، لأنه خولف في المصراة.

وإذا علم بالتصرية قبل الحلب، فله ردها ولا شيء معها، لأن التمر بدل اللبن. قال ابن عبد البر: وهذا مما لا خلاف فيه. ومتى علم التصرية فله الرد، وقال القاضي: ليس له ردها إلا بعد ثلاث، ليس له الرد قبل مضيها ولا إمساكها بعدها، لقوله: "فهو بالخيار ثلاثة أيام". ٣ رواه مسلم؛ قالوا: قدّرها الشارع لمعرفة التصرية، فإنها لا تعرف قبل مضيها. وقال أبو الخطاب: متى ثبتت التصرية جاز له الرد قبل الثلاث وبعدها، لأنه تدليس. فعلى هذا، فائدة التقدير بالثلاث، لأن الظاهر لا يحصل العلم إلا بها، فإن حصل بها أو لم يحصل، فالاعتبار به دونها. وظاهر قول ابن أبي موسى أنه متى علم بالتصرية ثبت له الخيار في الأيام الثلاثة إلى تمامها، وهو قول ابن المنذر، وحكي عن الشافعي، لظاهر الحديث؛ فإنه يقتضي ثبوت الخيار في الأيام الثلاثة. وقال القاضي: لا يثبت في شيء منها، وقول أبي الخطاب يسوي بينها وبين غيرها، والعمل بالخبر أولى.

ولا يحل للبائع تدليس سلعته ولا كتمان عيبها، فإن فعل فالبيع صحيح في قول الأكثر، منهم


١ البخاري: البيوع (٢١٥١) , وأبو داود: البيوع (٣٤٤٥) .
٢ البخاري: البيوع (٢١٥١) , ومسلم: البيوع (١٥٢٤) , والترمذي: البيوع (١٢٥١) , والنسائي: البيوع (٤٤٨٨, ٤٤٨٩) , وأبو داود: البيوع (٣٤٤٤, ٣٤٤٥) , وابن ماجة: التجارات (٢٢٣٩) , وأحمد (٢/٢٥٩, ٢/٢٧٣, ٢/٣١٧, ٢/٤٣٠, ٢/٤٦٣, ٢/٤٦٩, ٢/٥٠٧) , والدارمي: البيوع (٢٥٥٣) .
٣ مسلم: البيوع (١٥٢٤) , والترمذي: البيوع (١٢٥١, ١٢٥٢) , والنسائي: البيوع (٤٤٨٩) , وأبو داود: البيوع (٣٤٤٤) , وابن ماجة: التجارات (٢٢٣٩) , وأحمد (٢/٢٤٨, ٢/٤١٧, ٢/٥٠٧) , والدارمي: البيوع (٢٥٥٣) .

<<  <   >  >>