في الأثمان: الثمنية، وما عداها: كونه مطعوم جنس؛ فيختص بالمطعومات ويخرج منه ما عداها. ونحوه قال الشافعي، لما روى معمر بن عبد الله:"أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام بالطعام، إلا مثلاً بمثل"، رواه مسلم، ولأن الطعم وصف شرف إذ به قوام الأبدان، والثمنية وصف شرف إذ به قوام الأموال، ولأنه لو كانت العلة في الأثمان الوزن لم يجز إسلامهما في الموزونات.
والثالثة: العلة فيما عدا النقدين: كونه مطعوم جنس مكيل أو موزون، فلا يجرى في مطعوم لا يكال ولا يوزن، كالتفاح والرمان والبطيخ، ولا فيما ليس بمطعوم، كالزعفران والحديد؛ يروى ذلك عن سعيد بن المسيب، وهو قديم قولي الشافعي، لما روي عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا ربا إلا فيما كِيل أو وُزن، مما يؤكل أو يشرب". أخرجه الدارقطني وقال: الصحيح أنه من قوله، ومَن رفعه فقد وهم. والأحاديث الواردة في هذا يجب الجمع بينها، فنهيه عن بيع الطعام إلا مثلاً بمثل يتقيد بما فيه معيار شرعي، ونهيه عن بيع الصاع بالصاعين يتقيد بالمطعوم المنهي عن التفاضل فيه، وهذا اختيار شيخنا. وقال مالك: العلة: القوت أو ما يصلح به القوت من جنس واحد من المدّخرات. وقال ابن سيرين: الجنس الواحد علة، وهذا لا يصح "لأنه صلى الله عليه وسلم ابتاع عبداً بعبدين". ١ قال الترمذي: حسن صحيح. وقول مالك ينتقض بالحطب والإدام يستصلح به القوت، ولا ربا فيه عنده.
فالحاصل: أن ما اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم من جنس واحد، ففيه الربا، رواية واحدة، كالأرز والدخن والذرة والدهن ونحوه؛ وهذا قول الأكثر. قال ابن المنذر: هذا قول علماء الأمصار في القديم والحديث، وما انعدم فيه ذلك فلا ربا فيه، رواية واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم،
١ مسلم: المساقاة (١٦٠٢) , وأبو داود: البيوع (٣٣٥٨) .