للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالنوى والقت. وما وجد فيه الطعم وحده أو الكيل أو الوزن من جنس واحد، ففيه روايتان. والأولى، إن شاء الله، حلُّه إذ ليس فيه دليل موثوق به، وهي مع ضعفها يعارض بعضها بعضاً، فوجب إطراحها والرجوع إلى أصل الحِلّ. وقوله: في كل مكيل ... إلخ، أي: بأن كان جنسه ذلك، وإن لم يتأت فيه إما لقلته كالحبة والحفنة، وما دون الأرزة من الذهب والفضة، أو كثرته كالزبرة العظيمة.

ورخص أبو حنيفة في الحفنة بالحفنتين، وسائر المكيل الذي لا يتأتى كيله، ووافق في الموزون، واحتج بأن العلة: الكيل، ولم يوجد في اليسير. ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم: "التمر بالتمر، مثلاً بمثل ... إلخ". ١ ولا يجوز بيع تمرة بتمرة ولا حفنة بحفنة.

قال أحمد: لا بأس بالثوب بالثوبين، وهذا قول أكثر أهل العلم. وقال: لا يباع الفلس بالفلسين، ولا السكين بالسكينين، ولا الإبرة بالإبرتين، أصله الوزن. ونقل القاضي حكم إحدى المسألتين إلى الأخرى، فجعل في الجميع روايتين: إحداهما: لا يجري في الجميع، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم، لأنه ليس بموزون ولا مكيل؛ وهذا هو الصحيح، إذ لا معنى لثبوت الحكم مع انتفاء العلة وعدم النص والإجماع فيه. والثانية: يجري في الجميع، لأن أصله الوزن، فلا يخرج عنه بالصناعة.

ويجري الربا في لحم الطير، وعن أبي يوسف: لا يجري فيه، لأنه يباع بغير وزن. ولنا: أنه لحم، وهو من جنس ما يوزن، أشبه ما يباع من الخبز عدداً، والجيد والرديء، والتبر والمضروب، والصحيح والمكسور، سواء. وهذا قول الأكثر. وحكي عن مالك: جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه، وأنكره أصحابه. وحكي عن أحمد: أنه لا يجوز بيع الصحاح بالمكسرة، لأن للصناعة قيمة، بدليل حالة الإتلاف. ولنا: قوله: "الذهب بالذهب، مثلاً بمثل ... إلخ". ٢ وكل ما حرم فيه ربا الفضل، حرم فيه النسأ بغير خلاف.


١ مسلم: المساقاة (١٥٨٧) , والترمذي: البيوع (١٢٤٠) , والنسائي: البيوع (٤٥٦٠, ٤٥٦١ ,٤٥٦٢, ٤٥٦٤) , وأبو داود: البيوع (٣٣٤٩) , وأحمد (٥/٣١٤ , ٥/٣٢٠) , والدارمي: البيوع (٢٥٧٩) .
٢ البخاري: البيوع (٢١٧٦) , والترمذي: البيوع (١٢٤١) , والنسائي: البيوع (٤٥٧٠) , وأحمد (٣/٤٧, ٣/٥٣, ٣/٥٨, ٣/٧٣) .

<<  <   >  >>