للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحرم التفرق قبل القبض، لقوله صلى الله عليه وسلم: "عينا بعين". ولا يباع ما أصله الكيل بشيء من جنسه وزناً، وقال مالك: يجوز بيع بعض الموزونات ببعض جزافاً. ولنا: قوله: "الذهب بالذهب، وزناً بوزن ... إلخ". ١ ولو باع بعضه ببعض جزافاً، أو كان جزافاً من أحد الطرفين، لم يجز.

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أن ذلك لا يجوز، إذا كان من صنف واحد، لما روى مسلم عن جابر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم كيلها، بالكيل المسمى من التمر" ٢.

وفي قوله: "الذهب بالذهب ... إلخ" دليل على أنه لا يجوز إلا كذلك، قال ابن المنذر: أجمع أكثر أهل العلم على أن بيع الصبرة من الطعام بالصبرة لا يدري كم كيل هذه ولا كيل هذه من صنف واحد، غير جائز، ولا بأس به من صنفين، استدلالاً بقوله: "فإذا اختلف الجنسان، فبيعوا كيف شئتم". وذهب بعض أصحابنا إلى منع بيع المكيل بالمكيل، والموزون بالموزون، جزافاً. قال أحمد في رواية: أكره ذلك، وقاله القاضي والشريف، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن بيع الطعام بالطعام مجازفة". ولنا: قوله: "فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، يداً بيد". ٣ وحديثهم أراد به الجنس الواحد، ولهذا جاء في بعض ألفاظه: "نهى أن تباع الصبرة لا يعلم مكيلها من التمر بالصبرة لا يعلم مكيلها من التمر". ٤ واختلفت الرواية في البر والشعير، فظاهر المذهب أنهما جنسان، وعنه: جنس واحد، لقول معمر: "إني أخاف أن يضارع الربا"، أخرجه مسلم. ولنا: قوله: "بيعوا البر بالشعير كيف شئتم.. . إلخ"، ٥ وحديث معمر لا بد فيه من إضمار الجنس بدليل سائر أجناس الطعام. ويحتمل أنه أراد المعهود، فإنه قال في الخبر: "وكان طعامنا يومئذ الشعير، وفعله معمر وقوله لا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم".


١ مسلم: المساقاة (١٥٨٨) .
٢ مسلم: البيوع (١٥٣٠) , والنسائي: البيوع (٤٥٤٧) .
٣ مسلم: المساقاة (١٥٨٧) , والترمذي: البيوع (١٢٤٠) , والنسائي: البيوع (٤٥٦٠, ٤٥٦٢) .
٤ مسلم: البيوع (١٥٣٠) , والنسائي: البيوع (٤٥٤٧) .
٥ الترمذي: البيوع (١٢٤٠) , وابن ماجة: التجارات (٢٢٥٤) .

<<  <   >  >>