درهماً ومداً قيمته درهماً بمدين قيمتهما ثلاثة، حصل الدرهم في مقابلة ثلثي مد، والمد الذي مع الدرهم في مقابلة مد وثلث، هذا إذا تفاوتت القيم، ومع التساوي بجهل ذلك، لأن التقويم ظن، والجهل بالتساوي كالعلم بعدمه. وإن باع نوعي جنس بنوع واحد منه، كدينار قراضة وصحيح بصحيحين، أو حنطة حمراء وسمراء ببيضاء، صح، أومأ إليه أحمد؛ وهو مذهب مالك والشافعي، لأن العقد يقتضي انقسام الثمن على عوضه على حسب اختلافه في قيمته، وروي عن أحمد منعه في النقد، لأن الأنواع في غير الأثمان يكثر اختلاطها، فعفي عنها. ولنا: قوله: "الذهب بالذهب، مثلاً بمثل. .. إلخ"، ١ وهذا يدل على الإباحة عند وجود المماثلة.
وإن باع جنساً فيه الربا بجنسه، ومع كل واحد من غير جنسه غير مقصود، فعلى أقسام:
أحدها: أن يكون غير المقصود يسيراً لا يؤثر في كيل ولا وزن، كالملح في الخبز، وحبات الشعير في الحنطة، فلا يمنع، لأنه لا يخل بالتماثل. ولو باع ذلك بجنس غير مقصود الذي معه، كخبز بملح جاز.
الثاني: أن يكون غير المقصود كثيراً، إلا أنه لمصلحة المقصود، كالماء في الخل، فيجوز بيعه بمثله، ويستنزل خلطه منزلة رطوبته، كالرطب بالرطب. ومنع الشافعي ذلك كله، إلا الشيرج بالشيرج، لكون الماء لا يظهر فيه.
الثالث: أن يكون غير المقصود كثيراً أو ليس من مصلحته، كاللبن المشوب بالماء بمثله، والأثمان المغشوشة بغيرها، فلا يجوز بيع بعضها ببعض، لأن خلطه ليس من مصلحته، وهو يخل بالتماثل. وإن باعه بجنس غير مقصود كبيع الدينار المغشوش بالفضة بالدراهم، احتمل الجواز، لأنه يبيعه بجنس غير مقصود فيه، فأشبه بيع اللبن بشاة فيها لبن. ويحتمل المنع بناء على الوجه