للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآخر في الأصل. ولو دفع درهماً وقال: أعطني بنصفه نصف درهم، وبنصفه الآخر فلوساً، جاز. والمرجع في الكيل والوزن إلى عرف أهل الحجاز في زمنه صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة: الاعتبار في كل بلد بعادته.

(فصل) : ومتى كان أحد العوضين ثمناً والآخر مثمناً، جاز النسأ فيهما بغير خلاف، وإلا فكل شيئين يجري فيهما الربا بعلة واحدة، يحرم بيع أحدهما بالآخر نسيئة، بغير خلاف نعلمه عند من يعلل به. وإن تفرقا قبل التقابض بطل العقد، وقال أبو حنيفة: لا يشترط التقابض في غير النقدين، لأن ما عداهما ليس بأثمان، كبيعه بأحد النقدين. ولنا: قوله: "يداً بيد". وإن باع مكيلاً بموزون، كاللحم بالبرّ، جاز التفرق قبل القبض، وفي النسإ روايتان؛ هذا ذكره أبو الخطاب، وقال: هو رواية واحدة، لأن العلة مختلفة فجاز التفرق، كالثمن والمثمن. ويحتمل كلام الخرقي وجوب التقابض، وفي النسإ روايتان: إحداهما: لا يجوز، لأنهما من أموال الربا كالمكيل بالمكيل. والثانية: يجوز، وهو قول النخعي، لأنهما لم يجتمعا في أحد وصفي العلة؛ وعند من يعلل بالطعم: لا يجيزه هنا.

وما لا يدخله ربا الفضل، كالثياب والحيوان، فيه أربع روايات:

إحداهن: لا يحرم النسأ فيه، لما روى أبو داود عن عبد الله بن عمرو: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة"، ١ فعليها تحريم النسإ للوصف الذي مع الجنس، أما الكيل أو الوزن أو الطعم عند من يعلل به، [فيختص تحريم النسإ بالمكيل والموزون] ٢.

الثانية: يحرم النسأ في كل مال بيع بمال آخر، سواء كان من جنسه أو لا، لحديث سمرة: "نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة". ٣ قال الترمذي: حديث صحيح، فتكون علة النسإ: المالية.


١ أبو داود: البيوع (٣٣٥٧) .
٢ زيادة من الأصل.
٣ الترمذي: البيوع (١٢٣٧) , والنسائي: البيوع (٤٦٢٠) , وأبو داود: البيوع (٣٣٥٦) , وابن ماجة: التجارات (٢٢٧٠) , وأحمد (٥/١٢, ٥/١٩, ٥/٢١, ٥/٢٢) , والدارمي: البيوع (٢٥٦٤) .

<<  <   >  >>