للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فصل) : "وهو أمانة في يد المرتهن، إن تلف بغير تعدّ منه فلا شيء عليه". روي عن علي، وبه قال عطاء والزهري والشافعي. وروي عن شريح والنخعي والحسن: أن الراهن يضمنه بجميع الديْن وإن كان أكثر من قيمته، لأنه روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرهن بما فيه". وقال مالك: إن كان تلفه بأمر ظاهر كالموت والحريق لم يضمن، وإن ادعى تلفه بأمر خفي ضمن. وقال الثوري وأبو حنيفة: يضمنه بأقل الأمرين من قيمته أو قدر الديْن، لما روى عطاء: "أن رجلاً رهن فرساً فنفق عند المرتهن، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ذهب حقك". ولنا: ما روى ابن أبي ذئب عن الزهري عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغلق الرهن، لصاحبه غُنمه، وعليه غُرمه". ١ فأما حديث عطاء فمرسل، وقوله يخالفه، قال الدارقطني: يرويه إسماعيل بن أمية وكان كذاباً. والحديث الآخر إن صح فيحتمل أنه محبوس بما فيه.

وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه: على أن من رهن شيئاً بمال فأدى بعضه، وأراد إخراج بعض الرهن، أن ذلك ليس له، حتى يوفيه آخر حقه أو يبرئه.

وإن رهن عند رجلين فوفى أحدهما انفك في نصيبه. قال أحمد في رجلين رهنا داراً لهما عند رجل، فقضاه أحدهما: الدار رهن على ما بقي؛ وهذا محمول على أنه ليس للراهن مقاسمة المرتهن للضرر، لأن العين كلها تكون رهناً، لأنه إنما رهنه نصفها. وإن جعلا الرهن في يد عدل وادعى دفع الثمن إلى المرتهن، فأنكر ولم يكن قضاه ببيّنة، ضمن. وعنه: لا يضمن إلا أن يكون أمر بالإشهاد فلم يفعل؛ وهكذا الحكم في الوكيل.

ولو تعدى المرتهن في الرهن ثم زال التعدي، أو سافر به ثم رده، لم يزل عنه الضمان لأن استئمانه زال بذلك.

وإذا


١ البخاري: مواقيت الصلاة (٥٢٥) .

<<  <   >  >>