للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استقرض ذمي من مسلم مالاً ورهنه خمراً، لم يصح. فإن باعها الراهن أو نائبه الذمي وجاء المقرض بثمنها، لزمه قبوله، لأن أهل الذمة إذا تقابضوا في العقود الفاسدة جرت مجرى الصحة. قال عمر في أهل الذمة معهم الخمر: "ولّوهم بيعها، وخذوا أثمانها". وإن شرط أن يبيعه المرتهن أو العدل صح. فإن عزله صح عزله، وقال مالك: لا ينعزل، لأن وكالته صارت من حقوق الرهن. قال ابن أبي موسى: ويتوجه لنا مثل ذلك، فإن أحمد قد منع الحيلة في غير موضع، وهذا يفتح باب الحيلة للراهن. فإن شرط أن لا يبيعه عند الحلول، أو إن جاءه بحقه في محله وإلا فالرهن له، لم يصح الشرط، وفي صحة الرهن روايتان.

وعن أحمد: إذا شرط في الرهن أنه ينتفع به المرتهن أنه يجوز في البيع، وقال مالك: لا بأس أن يشترط في البيع منفعة الرهن إلى أجل في الدور والأرضين، وكرهه في الحيوان والثياب، وكرهه في القرض.

وهل يفسد الرهن بالشروط الفاسدة، نصر أبو الخطاب صحته، لأنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغلق الرهن"، ١ ولم يحكم بفساده. قال أحمد: معناه لا يدفع رهناً إلى رجل يقول: إن جئتك بالدراهم إلى كذا، وإلا فالرهن لك.

قال ابن المنذر: هذا معنى قوله: "لا يغلق الرهن" عند مالك والثوري وأحمد، وفي حديث معاوية بن عبد الله بن جعفر: "أن رجلاً رهن داراً بالمدينة إلى أجل مسمى، فمضى الأجل فقال الذي ارتهن: منزلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن". ٢ وإذا قال: رهنتك عبدي هذا على أن تزيدني في الأجل، كان باطلاً، لأنه يضاهي ربا الجاهلية.

وإذا كان له على رجل ألف، فقال: أقرضني ألفاً بشرط أن أرهنك عبدي هذا بألفين، فنقل حنبل عن أحمد:


١ البخاري: مواقيت الصلاة (٥٢٥) .
٢ البخاري: مواقيت الصلاة (٥٢٥) .

<<  <   >  >>