للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قول أبي حنيفة. وأما إجارتها للمؤجر قبل القبض، فإن قلنا: لا يجوز من غيره، فهنا فيه وجهان: أحدهما: يجوز، لأن القبض لا يتعذر عليه، وأصلها بيع الطعام قبل قبضه، هل يصح من بائعه؟ على روايتين. ويجوز إجارتها من المؤجر بعد قبضها، وقال أبو حنيفة: لا يجوز. وتجوز إجارتها بمثل الأجرة وزيادة، وعنه: لا تجوز الزيادة. وعنه: إن جدد فيها عمارة جازت الزيادة، و"نهى صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن". ١ ولنا: أن المنافع قد دخلت في ضمانه من وجه، لأنها لو فاتت من غير استيفائه كانت من ضمانه. والقياس على بيع الطعام قبل قبضه لا يصح، فإنه لا يجوز وإن لم يربح فيه. وسئل أحمد عن: الرجل يتقبل عملاً فيقبله بأقل، أيجوز له الفضل؟ قال: ما أدري، هي مسألة فيها بعض الشيء. قلت: أليس إذا قطع الخياط الثوب أو غيره إذا عمل في العمل شيئاً؟ قال: إذا عمل فهو أسهل. فإن مات المؤجر لم تنفسخ، في أحد الوجهين. والثاني: تنفسخ فيما بقي، لأنا تبينا أنه أجر ملكه وملك غيره، بخلاف الطلق، فإن الوارث لا يرث إلا ما خلفه. وإن أجر الولي اليتيم أو ماله مدة فبلغ في أثنائها، فليس له الفسخ، ويحتمل أن تبطل فيما بعد البلوغ، لزوال الولاية. وإن مات الولي أو عزل وانتقلت الولاية إلى غيره، لم يبطل عقده، كما لو مات ناظر الوقف أو عزل.

وإجارة العين على قسمين:

أحدهما: أن تكون على مدة، كإجارة الدار شهراً، والعبد للخدمة مدة معلومة؛ ويسمى الأجير فيها: الأجير الخاص، لأن المستأجر يختص بمنفعة في مدة الإجارة. ولا تتقدر أكثر مدة الإجارة، بل يجوز إجارتها مدة يغلب على الظن بقاء العين فيها وإن طالت، هذا قول عامة أهل العلم، غير أن


١ الترمذي: البيوع (١٢٣٤) , وأبو داود: البيوع (٣٥٠٤) , وابن ماجة: التجارات (٢١٨٨) , وأحمد (٢/١٧٤, ٢/٢٠٥) , والدارمي: البيوع (٢٥٦٠) .

<<  <   >  >>