للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجائز، وعنه: لا يجوز. قال في رواية الميموني: يجوز. قيل له أليس تذهب إلى: "لا وصية لوارث"؟ ١ قال: الوقف غير الوصية، لأنه لا يصير ملكاً، واحتج بحديث عمر: "تليه حفصة ما عاشت ثم ذوو الرأي". وفيه: "لا حرج على من وليه أن يأكل". ولنا: "أن عمر لم يخص بعض الورثة"، والنزاع في تخصيص بعضهم، وجعل الولاية إلى حفصة ليس وقفاً.

ولا يجوز لغير الأب والأم الرجوع في الهبة، وقال الثوري وإسحاق: من وهب لغير ذي رحم، فله الرجوع ما لم يثب عليها، لقول عمر: "من وهب هبة يرى أنه أراد بها صلة الرحم أو على جهة صدقة، فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة أراد بها الثواب، فهو على هبته، يرجع فيها ما لم يرض منها". رواه في الموطإ. ولنا: قوله: "العائد في هبته ... إلخ". فأما الأب فله الرجوع، وبه قال مالك والشافعي، وعنه: لا يرجع، لقوله: "العائد في هبته ... إلخ". ولنا: حديث بشير، وعن ابن عمر وابن عباس، مرفوعاً: "ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده". ٢ حسنه الترمذي.

فأما الأم فظاهر كلام أحمد: ليس لها الرجوع، لأنه سئل فقال: ليست عندي كالرجل، وذكر حديث عائشة: "أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإنّ ولده من كسبه"، ٣ أي: كأنه الرجل. ويحتمل أن لها الرجوع، وهو مذهب الشافعي، لدخولها في قوله: "إلا الوالد فيما يعطي ولده"، وفي قوله: "سوّوا بين أولادكم". ٤ وقال مالك: لها الرجوع ما كان أبوه حياً، فإن كان ميتاً فلا رجوع، لأنها هبة ليتيم.

وحكم الصدقة حكم الهبة، ولم يجوزه مالك في الصدقة بحال، لقول عمر: "أو على وجه الصدقة". ولنا: حديث بشير، فإن النعمان قال: "تصدق أبي عليّ بصدقة". فإن تعلق بها رغبة لغير الولد، مثل أن يهب ولده شيئاً فيرغب الناس في معاملته


١ الترمذي: الوصايا (٢١٢١) , والنسائي: الوصايا (٣٦٤١, ٣٦٤٣) , وأحمد (٤/١٨٦) , والدارمي: الوصايا (٣٢٦٠) .
٢ الترمذي: البيوع (١٢٩٩) , والنسائي: الهبة (٣٧٠٣) .
٣ الترمذي: الأحكام (١٣٥٨) , والنسائي: البيوع (٤٤٥٢) , وأبو داود: البيوع (٣٥٢٨, ٣٥٢٩) , وابن ماجة: التجارات (٢١٣٧, ٢٢٩٠) , وأحمد (٦/٣١, ٦/٤١, ٦/١٢٦, ٦/١٢٧, ٦/١٦٢, ٦/١٧٣, ٦/١٩٣, ٦/٢٠١, ٦/٢٠٢, ٦/٢٢٠) , والدارمي: البيوع (٢٥٣٧) .
٤ البخاري: الهبة وفضلها والتحريض عليها (٢٥٨٧) , ومسلم: الهبات (١٦٢٣) .

<<  <   >  >>