للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيداينوه، أو مناكحته فيزوجوه، أو يهب بنته فتتزوج لذلك، ففيها روايتان: أولاهما: لا رجوع، قال أحمد في الرجل يهب ابنه مالاً: فله الرجوع إلا إن يكن غرَّ به قوماً، فلا يرجع؛ وهذا مذهب مالك.

واختلف عن أحمد في هبة المرأة زوجها، فعنه: لا رجوع لها، وبه قال مالك والشافعي، لقوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ} ، ١ وقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} الآية، ٢ وعموم الأحاديث. وعنه: لها الرجوع، وذكر حديث عمر: "أن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئاً، ثم أرادت أن تعتصره فهي أحق به"، وذكر الحديث: "إنما يرجع في المواهب: النساء وشرار الرجال"، وعنه: إذا وهبت له مهرها إن سألها رده إليها، وإن لم يكن سألها فجائز، لأن الله إنما أباحه عن طيب نفس، وشاهد الحال يدل على أنها لم تطب به نفسها.

وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء بشرطين:

أحدهما: أن لا يضر بالابن.

الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده ويعطيه الآخر، نص عليه، لأنه ممنوع من التخصيص من مال نفسه.

وقال مالك والشافعي: لا يأخذ إلا بقدر حاجته، لقوله: " فإن دماءكم وأموالكم ... إلخ". ولنا: حديث عائشة، مرفوعاً: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم"، ٣ ولأن الله جعله موهوباً، قال: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} ، ٤ {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} . ٥ وقوله: "أحق به من والده وولده"، الحديث مرسل، ثم هو يدل على


١ سورة البقرة الآية رقم: ٢٣٧.
٢ سورة النساء آية: ٤.
٣ الترمذي: الأحكام (١٣٥٨) , والنسائي: البيوع (٤٤٥٠) , وابن ماجة: التجارات (٢٢٩٠) , وأحمد (٦/٤١, ٦/١٦٢, ٦/٢٠١) .
٤ سورة الأنعام آية: ٨٤.
٥ سورة الأنبياء آية: ٩٠.

<<  <   >  >>