للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في قول الأكثر، ولا نعلم أحداً خالفهم، إلا إياس بن معاوية، فإنه قال في الصبي والمجنون: إذا وافقت وصيتهما الحق جازت.

وتصح وصية الأخرس بالإشارة، لا من اعتقل لسانه، ويحتمل الصحة؛ وهو قول الشافعي وابن المنذر، واحتج بـ"صلاته صلى الله عليه وسلم وهو قاعد، فأشار إليهم: أن اجلسوا".

وإن وجدت وصية مكتوبة بخطه صحت، وعنه: لا تصح حتى يُشهد. ووجه الأولى: حديث ابن عمر. وإن كتب وصيته وقال: اشهدوا على ما في هذه الورقة لم يجز، ويحتمل أن يجوز، وهو قول مالك والليث والأوزاعي وأبي عبيد، واحتج بـ"كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عماله والخلفاء من كتبهم إلى ولاتهم بالأحكام التي فيها الدماء والفروج، مختومة لا يعلم حاملها ما فيها". وذكر استخلاف سليمان بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز وقال: ولا نعلم أحداً أنكر ذلك مع شهرته، فيكون إجماعاً. وعن أنس: "كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: هذا ما أوصى به فلان بن فلان: أنه يشهد أن لا إله إلا الله [وحده لا شريك له] ١ وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله، ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين. وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ٢". أخرجه سعيد عن فضيل عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أنس.

والوصية مستحبة لمن ترك خيراً، للآية؛ فنسخ الوجوب وبقي الاستحباب


١ من المخطوطة.
٢ سورة البقرة آية: ١٣٢.

<<  <   >  >>