للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في حق من لا يرث، فإن كان له ورثة محتاجون وهو فقير، فلا يستحبّ، لحديث سعد.

واختلف في قدر الخير، فقال ابن عباس: "من ترك سبعمائة درهم، ليس عليه وصية". وعن علي: "أربعمائة دينار". وقال طاووس: الخير ثمانون. قال شيخنا: والذي يقوى عندي: أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لم تستحب، لتعليله صلى الله عليه وسلم بقوله: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك ... إلخ"؛ ١ فيختلف باختلاف كثرة الورثة وقلّتهم وغنائهم وحاجتهم. والأوْلى: أن لا يستوعب الثلث وإن كان غنياً، لحديث سعد. وعن إبراهيم كانوا يقولون: صاحب الربع أفضل من صاحب الثلث، وصاحب الخمس أفضل من صاحب الربع. "وأوصى أبو بكر الصديق بالخمس وقال: رضيت ما رضي الله به لنفسه"، يريد قوله: {فأن لله خمسه} ٢.

والأفضل أن يجعلها لأقاربه الذين لا يرثون إن كانوا فقراء، قال ابن عبد البر: لا خلاف فيه إذا كانوا ذوي حاجة، لأن الله كتب الوصية للوالدين والأقربين، فخرج الوارث وبقي سائرهم على الوصية. فإن أوصى لغيرهم وتركهم صحت في قول الأكثر. وعن طاووس: يردّ إلى قرابته. وعن ابن المسيب والحسن: للذي أوصي له [ثلث] ٣ الثلث، والباقي يردّ إلى قرابته. ولنا: حديث عمران في ستة الأعبد، فأما من لا وارث له فتجوز بجميع ماله، وعنه: ليس له إلا الثلث. ووجه الأولى: حديث سعد، وهنا لا وارث له، وهو مروي عن ابن مسعود وعبيدة ومسروق. فأما ذوو الأرحام فظاهر كلام الخرقي أنه لا يمنع الوصية بجميع المال، ويحتمل كلام شيخنا أنه لا ينفذ


١ البخاري: الجنائز (١٢٩٦) , ومسلم: الوصية (١٦٢٨) , والترمذي: الوصايا (٢١١٦) , والنسائي: الوصايا (٣٦٢٦, ٣٦٢٨) , وأبو داود: الوصايا (٢٨٦٤) , وأحمد (١/١٧٦, ١/١٧٩) , ومالك: الأقضية (١٤٩٥) , والدارمي: الوصايا (٣١٩٦) .
٢ سورة الأنفال آية: ٤١.
٣ زيادة المخطوطة، وهو الموافق لعبارة الأصل.

<<  <   >  >>