للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطهارة، قال شيخنا: وهو الصحيح، إن شاء الله، لأن في إيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة حرج.

وقال أبو حنيفة: ليس النقاء بين الدمين طهراً، ولا يجب عليها فيه صلاة، ولا يأتيها زوجها؛ وهو أحد قولي الشافعي. ولنا: قوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذىً} ، ١ وقال ابن عباس: "إذا رأت الطهر ساعة، فلتغتسل"، وقالت عائشة: "لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء"، ولأنها صامت وهي طاهرة فلم يلزمها القضاء. وقولهم: إن الدم يجري تارة وينقطع أخرى، قلنا: لا عبرة بالانقطاع اليسير، وإنما إذا وجد انقطاعٌ كثير يمكن فيه الصلاة والصيام. وإن عاودها الدم في العادة ولم يتجاوزها، ففيه روايتان: إحداهما: أنه من حيضها، وهو مذهب الثوري وأصحاب الرأي. والثانية: ليس بحيض، فإن تجاوز العادة وعبر أكثر الحيض فليس بحيض. والصفرة والكدرة في أيام الحيض: حيض، وبعده لا تعتد به، نص عليه؛ وهو مذهب مالك والشافعي. وقال أبو يوسف وأبو ثور: لا يكون حيض إلا أن يتقدمه دم أسود، لقول أم عطية: "كنا لا نعدّ الصفرة بعد الغسل شيئاً". رواه أبو داود. ولنا: قوله: {قُلْ هُوَ أَذىً} ، ٢ وهذا يتناول الصفرة والكدرة، ولقول عائشة: "لا تعجلن ... إلخ". وقول أم عطية إنما يتناولُ ما بعد الطهر والاغتسال، ونحن نقول به، ويدل عليه قول عائشة: "ما كنا نعد الصفرة والكدرة حيضاً"، مع قولها المتقدم. وروى البخاري بإسناده عن فاطمة عن أسماء قالت: "كنا في حجرها مع بنات بنتها، فكانت إحدانا تطهر ثم تكسر بصفرة يسيرة، فنسألها فتقول: اعتزلن الصلاة حتى لا ترين إلا البياض". قال القاضي: معناه لا تلتفت إليه قبل التكرار، وقول أسماء فيما إذا تكرر، جمع بين الأخبار.


١ سورة البقرة آية: ٢٢٢.
٢ سورة البقرة آية: ٢٢٢.

<<  <   >  >>