حيث برأهم مما نزل فيهم من القرآن وبرأهم من الإفساد في الأرض ومن الخداع بالكلية, فالواجب عليه الرجوع عما قال والاستغفار مما فعل.
الوجه الرابع: أن المفسرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء التفسير أجمعوا على نزول الآيات من أول سورة البقرة في المنافقين الذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد خالفهم المصنف فبرأ المنافقين منها بغير مستند صحيح, فكان الأمر فيه كما قال الشاعر:
خلافاً لقولي من فيالة رأيه ... كما قيل قبل اليوم خالف لتذكرا
قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى في الكلام على قول الله تعالى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين): أجمع جميع أهل التأويل على أن هذه الآية نزلت في قوم من أهل النفاق. وأن هذه الصفة صفتهم.
ثم روى بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) يعني المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم.
قال ابن كثير: وكذا فسرها بالمنافقين من الأوس والخزرج أبو العالية والحسن وقتادة والسدي.
قال ابن جرير: وقد سمي في حديث ابن عباس هذا أسماؤهم عن أبي بن كعب, غير أني تركت تسميتهم كراهة إطالة الكتاب بذكرهم.