إنما نحن مصلحون. قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي قالوا إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب. رواه ابن جرير وذكر تعالى أيضا عن الإسرائيلي أنه قال لموسى. (وما تريد أن تكون من المصلحين) وفي هاتين الآيتين رد لقول المصنف أن كلمة مصلح لم تتداول ولم يعرف ذكرها مطلقا إلا عند ظهور النشء الفاسد المارق.
وأما قوله إنه لم ينقل عنهم أنهم كانوا يقولون إنهم مصلحون ولا نقل عن واحد منهم كلمة مصلح. فجوابه أن يقال قد ذكر الله ذلك عنهم في كتابه - ومن أصدق من الله حديثا ومن أصدق من الله قيلا؟ - وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من المفسرين إنها نزلت في المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم فلو أن المصنف اكتفى بما أخبر الله به في كتابه عن المنافقين, وبما قاله حبر الأمة وغيره من أكابر التابعين في ذلك لكان خيراً له من الاعتماد على مجرد رأيه.
الوجه السابع: أن الله تعالى ذكر الإفساد عن المنافقين الذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - , وذكر أنهم يخادعون الله والذين آمنوا. وهذا يرد ما نفاه المصنف عنهم من الإفساد والخداع.
قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى: «وخداع المنافق ربه والمؤمنين: إظهاره بلسانه من القول والتصديق خلاف الذي في قلبه من الشك والتكذيب, ليدرأ عن نفسه بما أظهر بلسانه حكم الله عز وجل اللازم من كان بمثل حاله من التكذيب, لو لم