وموضوع عنايتهم, فكانوا يهتمون بهما وبأهلهما أعظم من اهتمامهم بعاصمة ملكهم التي كانوا يسكنون فيها وبأهلها حتى صارت المدينة الآن من المدن الكبار في السعودية, متباعدة الأطراف كثيرة السكان معموراً أكثرها بأحسن العمارة الحديثة ومنظمة بأحسن التنظيم.
وقد زاد النجديون في المسجد النبوي منذ سنوات أكثر من مثله في ولاية الترك على المدينة, ولا يزال مع ذلك يضيق بالمصلين فيه, والخيرات في المدينة كثيرة جداً وأهلها في نعمة عظيمة ورخاء من العيش وافر وأمن وطمأنينة.
وقد كثر الوافدون إليها في كل وقت, وخصوصاً لما عبدت الطرق إليها فلا تزال في كثير من الأوقات مزدحمة بالسكان والوافدين. فإن كان المصنف لم يرها في الوقت الحاضر فليقدم إليها ولينظر إليها حتى يعلم بطلان ما قاله فيها وفي أهلها وفيمن لهم الأمر فيها.
الوجه الثالث: أن عمران بيت المقدس, الذي جاء ذكره في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه, ليس هو بتضخيم البناء وزخرفته وتنظيمه على الأشكال الحديثة كما توهمه المصنف, وإنما عمرانه بظهور الإيمان وطاعة الله تعالى فيه؛ وإزالة الشرك والبدع وسائر المنكرات منه, وهذا لم يكن إلى الآن, وسيكون ذلك فيما بعد إذا كانت الخلافة في الأرض المقدسة قبل خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام.