ويحتمل أن يكون معنى قوله وتترك القلاص لا يسعى عليها أي يترك ركوبها في الأسفار والحمل عليها وهذا مطابق للواقع في هذه الأزمان وإن كان قول عياض ومن وافقه أقوى منه من حيث الدليل.
ويحتمل أن يكون كل من الأمرين مراداً في الحديث أعنى ترك السعي عليها للصدقة وترك ركوبها والحمل عليها والله أعلم.
الوجه السادس: أن عرب الحجاز وجزيرة العرب لم يتضرروا من تعبيد الطرق في بلادهم وانتشار السيارات فيها كما زعمه المصنف بل انتفعوا به كثيراً واستراحوا من كثير من المشقة والعناء مما كان يصيبهم بسبب السفر على الابل والحمل عليها, وكان ارتزاقهم بسبب السيارات أعظم بكثير من ارتزاقهم بسبب الإبل. وانتفعوا أيضا بكثرة أثمان الإبل فقد كانت الناقة الجيدة في زمن السفر على الإبل والحمل عليها تساوي مائة ريال او نحوها وأما الآن فتساوي سبعمائة وثمانمائة وربما زادت على الألف وهذا خير لأهل الإبل مما كان من قبل.
فصل
وفي صفحة (٨) جزم المصنف ببقاء استعمال السيارات إلى زمان نزول عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام.
وهذا مما لا ينبغي الجزم به لأن ما يقع في المستقبل أمر غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى قال الله تعالى (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) وقال تعالى (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا) وقال تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) الآية.