قوله أقرب إلى الصواب من قول المصنف, لأن من آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهمّ بالفتك به وسعى فيما يوهن أمره ليس كمن آذى آحاد المسلمين وسعى فيما يضرهم. والله أعلم.
الوجه الثامن: ما رواه السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس, وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (مثلهم كمثل الذي استوقد نار فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) زعم أن أناساً دخلوا في الإسلام مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة, ثم إنهم نافقوا, فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة فأوقد ناراً فأضاءت له ما حوله من قذى أو أذى فأبصره حتى عرف ما يتقي, فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى, فكذلك المنافق كان في ظلمة الشرك فأسلم فعرف الحلال من الحرام والخير من الشر؛ فبينا هو كذلك إذ كفر فصار لا يعرف الحلال من الحرام ولا الخير من الشر. ورواه ابن جرير من طريق السدي.
وروى أيضا من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس, وعن مرة عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق - إلى - إن الله على كل شيء قدير). كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله, فيه رعد شديد وصواعق وبرق, فجعلا كلما أضاء لهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذانهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعها فتقتلهما, وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه