المثلين المذكورين في أول سورة البقرة لا ينطبقان عليهم, وإنما ينطبقان على ملاحدة العصريين وزنادقتهم.
ثم قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماهم مارقين من الدين أي خارجين منه بعد أن كانوا داخلين فيه, والمنافقون لم يدخلوا فيه يوماً ما, فتعين أن هؤلاء هم المراد في الآيات الكريمة.
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أن الأحاديث التي ذكرها عن علي وابن مسعود وأنس وأبي ذر ورافع بن عمرو وأبي سعيد رضي الله عنهم كلها واردة في الخوارج الذين قتلهم علي رضي الله عنه يوم النهروان, وليست واردة في ملاحدة العصريين وزنادقتهم كما توهمه المصنف. وكل من جاء بعد أهل النهروان وهو على شاكلتهم فعموم الأحاديث الواردة فيهم يشمله معهم.
وقد جاء في بعض الروايات التي ذكر المصنف أطرافاً منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الخوارج «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم» وليست حال ملاحدة العصريين كذلك, فإن الغالب عليهم الجفاء والتفريط في أمور الدين كالصلاة والصيام وغير ذلك من أنواع العبادة. وأما الخوارج فالغالب عليهم الغلو والإفراط والتعمق في الدين.
وأيضاً فقد جاء في بعض الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر» وقد وجد هذا الرجل مع الخوارج يوم النهروان.