وذكر المصنف في صفحة (١٩) أن العلم انتشر بسبب الدروس والمحاضرات والمقالات التي تذاع بالراديو فيسمعها الرجال والنساء والكبار والصغار والعبيد والأحرار.
والجواب أن يقال ليس الأمر كما زعمه المصنف من انتشار العلم بسبب الراديو, وإنما انتشرت بسببه المعازف والأغاني الخليعة والمهازل السخيفة وغيرها من أنواع الفتن والشرور التي هي أضر شيء على الدين والأخلاق, فهذه هي التي يتلقاها أكثر المستمعين إلى الراديو من رجال ونساء وكبار وصغار, وهي الرائجة عند متخذيه إلا من شاء الله منهم.
ولا ينكر أنه ينشر في بعض الأحيان من بعض الإذاعات دروس ومقالات ومحاضرات علمية ولكن لا يستمع إليها إلا القليل من متخذي الراديو والمستمعين إليه, وأما الأكثرون فلا رغبة لهم فيها ولا في سماعها, فتراهم عاكفين على استماع المعازف والأغاني والمهازل في غالب أوقاتهم, فإذا جاءتهم القراءة أو الدروس والمحاضرات العلمية أغلقوا الراديو عنها وأداروه إلى ما هم مفتونون به من مزامير الشيطان وصوته الفاجر.
وبالجملة فالأكثرون في زماننا قد أعرضوا عن العلم النافع إلى ما لا خير فيه من الإذاعات والجرائد والمجلات وما أشبهها من الكتب العصرية, فهذه هي التي يتنافس فيها الأكثرون, وعليها في غالب الأوقات يعكفون, وبسبب ذلك قل العلم النافع وهو العلم الموروث عن سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه, وظهر الجهل وفشا في جميع الأقطار, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.