فأما في زماننا وما قبله فهذه الطائفة متفرقة في أقطار الأرض كما يشهد له الواقع من حال هذه الأمة منذ فتحت الأمصار في عهد الخلفاء الراشدين إلى اليوم, ولا يختص بها مصر من أمصار المسلمين دون المصر الآخر.
ولكنها تكثر في بعض الأماكن أحيانا ويعظم شأنها ويظهر أمرها ببركة الدعوة إلى الله تعالى وتجديد الدين, كما وقع ذلك في الشام في زمان شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحابه رحمة الله عليهم, وكما وقع ذلك في الجزيرة العربية في زمان شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأولاده وأحفاده رحمة الله عليهم أجمعين, ولم يزل أهل الجزيرة العربية في بركة من تجديدهم إلى اليوم.
الوجه الخامس: أن الذين يقاتلون في الملاحم التي ستكون في آخر الزمان ويقاتلون الدجال أيضا هم العرب: من سكان الجزيرة العربية. وليسوا بالذين ينتسبون إلى العربية, وهم بعيدون من أرضها, ولم يتحقق نسبهم إليها.
والدليل على ذلك: ما رواه الحاكم في مستدركه عن حسان بن عطية عن ذي مخمر - رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن أخي النجاشي - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «تصالحون الروم صلحاً آمناً حتى تغزون أنتم وهم عدواً من ورائهم, فتنصرون وتغنمون وتنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول, فيقول قائل من الروم: غلب الصليب, ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب, فيتداولانها بينهم فيثور المسلم إلى صليبهم وهو منهم غير