السموات والأرض إلا من شاء الله ويأمره فيطيلها ويديمها ولا يفتر, فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب فتكون سرابا» رواه ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا.
الوجه الرابع: أن المصنف قرر نسف الجبال في الدنيا بفعل بني آدم, واستدل على ذلك بقول الله تعالى (وإذا الجبال سيرت) وبما في حديث سمرة وحديث ابن مسعود رضي الله عنهما ثم قرر نسفاً آخر يكون بعد قيام الساعة وهو المذكور في قول الله تعالى (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا).
والحق أن النسف إنما يكون مرة واحدة وأن ما ذكر في قوله تعالى (وإذا الجبال سيرت) وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - عن عيسى عليه الصلاة والسلام «ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم» هو بعينه ما ذكر في قول الله تعالى (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا) وغيرها من الآيات التي تقدم ذكرها, ولا دليل على تعدد النسف والله أعلم.
الوجه الخامس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ (إذا الشمس كورت) و (إذا السماء انفطرت) و (إذا السماء انشقت)» رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما, وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وهذا الحديث الصحيح يدل على أن نسف الجبال إنما يكون يوم القيامة, وفيه رد لقول المصنف إن ذلك كائن الآن بفعل بني آدم؛ وفيه أيضا قطع ما تعلق به المصنف من قول الله تعالى (وإذا الجبال سيرت) وبيان أنه لا وجه لاستدلاله بهذه الآية على وقوع النسف في الدنيا.