وإذا لم يلمع لم يبصرا, وقاما مكانهما لا يمشيان, فجعلا يقولان ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمداً فنضع أيدينا في يده فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده, وحسن إسلامهما, فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة.
وفي هذين الأثرين عن حبري الأمة رد لقول المصنف إن المثلين المذكورين لا ينطبقان على المنافقين الذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه التاسع: أن الله تعالى أثبت الإيمان ثم الكفر للمنافقين الذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - , فقال تعالى (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) وقد نزلت سورة المنافقين في شأن عبد الله بن أبي وأصحابه من المنافقين, وفيها رد لقول المصنف إن المنافقين لم يدخلوا في الدين يوماً ما.
ومما يرد عليه أيضا قول الله تعالى (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) وقوله تعالى (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا) الآية.
الوجه العاشر: أن المنافقين في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا هم السلف الطالح لجميع المنافقين بعدهم إلى يوم القيامة, فما أنزل في أولئك وهو صالح للعموم فهو عام لمن بعدهم من المنافقين إلى يوم القيامة, لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فلو أن المصنف قال إن الآيات من أول سورة البقرة تشمل المنافقين الذين كانوا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان بعدهم من المنافقين ومنهم ملاحدة العصريين وزنادقهم لكان أولى به من تبرئة المنافقين الأولين مما نزل فيهم.