وهكذا قد استطاع الوهابيون أن يبذروا بذورا تلاها الاختمار الشديد للثورة الدينية في كل فج إسلامي, حتى بلغت دعوتهم الدينية أقصى المعمور, فقام في شمال الهند الزعيم الوهابي المغالي السيد أحمد مستنفراً مسلمي بنجاب, وأنشأ دولة وهابية, فكان هذا الزعيم يعد عدته لفتح سائر شمالي الهند فحالت منيته بينه وبين ذلك, واضمحلت الدولة الوهابية الهندية سنة ألف وثمانمائة وثلاثين - أي ميلادية - غير أنه لما جاء الإنكليز يفتحون البلاد عانوا الأمرين من بقايا النار الوهابية الكامنة في الرماد, وظلت هذه النار مخبوءة إلى ما شاء الله فكانت عاملا من عوامل الثورة الهندية, ثم استطار من شررها ما تناول أفغانستان وسائر القبائل الهندية عند الحدود الشمالية الغربية فاشعلها أيما إشعال- إلى أن قال -:
فالدعوة الوهابية إنما هي دعوة إصلاحية خالصة بحتة غرضها إصلاح الخرق ونسخ الشبهات وإبطال الأوهام, ونقض التفاسير المختلفة والتعاليق المتضاربة التي وضعها أربابها في عصر الإسلام الوسطى, ودحض البدع وعبادة الأولياء.
وعلى الجملة هي الرجوع إلى الإسلام والأخذ به على أوله وأصله, ولبابه وجوهره, أي أنها الاستمساك بالوحدانية التي أوحى الله بها إلى صاحب الرسالة صافية ساذجة, والاهتداء والائتمام بالقرآن المنزل مجردا.