في زماننا فالسفينة تحمل الآلاف من الناس ومن القناطر المقنطرة من البضائع, ثم السفن التي كانت في زمانهم ايضا مع كبرها وحملها الكثير من الركاب والاثقال كانت تجري في البحر جريا حثيثا بالرياح كما قال تعالى (وله الجواري المنشئات في البحر كالاعلام).
وكل ذلك مخالف لوصف الابل تمام المخالفة فمشيها بطيء للغاية وحملها لا يقاس بحمل السفن بل كانت السفينة تحمل ما يزيد على حمل مائة بعير, فكيف يصح تفسير الآية بها, بل ذلك باطل قطعا.
وإنما الذي يماثل الفلك المشحون تمام الماثلة في كثرة حمله وسرعة سيره في البحر هو بابور السكة الحديد ثم السيارات فهي المرادة بالآية جزما.
وقد قال ابن عباس والحسن والضحاك وجماعة في الآية المذكورة وخلقنا لهم سفنا امثال تلك السفن يركبونها. قال النحاس وهذا اصح لانه متصل الاسناد عن ابن عباس, وهذا يدل على شفوف نظر ابن عباس رضي الله عنهما ونظره بنور الله تعالى في معاني القرآن الكريم تصديقا لدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذ قال «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل». فان وجود السفينة في البر لا يخطر ببال احد ولا يكاد ينطق به عاقل في ذلك الوقت, ولكن ابن عباس رضي الله عنهما نظر الى الغيب من ستر رقيق اذ قال ذلك فكان هو المطابق للحال الموافق للواقع, انتهى المقصود من كلامه. وفيه ثلاثة أخطاء.