وهل ثم من لا يعرف أن الألف متقدمة على الباءِ وهلم جرًّا وأن لا فائدة من ترتيب الشروح على الحروف والشروح ربما لا يكون لها أسماءٌ خاصة فإذن كان الترتيب يتراوح بين أسماء المؤلفين تارة وبين أسماء المؤلفات أُخرى ولم يقر به قرار. والشروح لمتن واحد كم تكون في العدد حتى توقع الناظر في الأتعاب. فمن هذه الجهة راعيت تقديم الأهم فالمهم أو المتقدم عصرًا أو المشهور فأنت ترى عندي شروح الحماسة على هذا الترتيب: النمريّ، الرد عليه للأسود، أبو رياش المرزوقي، ابن جني، أبو هلال، التبريزي، الطبرسي. ولكن مثل هذا الصنيع يحتاج إلى اطلاع واسع وعلم بالوفيات جمٍّ ومادة زاخرة وذاكرة واعية. وكل من نظر في شيءٍ من تآليف هذا العاجز يشهد بأني توخيت فيها إحكام علمائنا ووضع علماء المشرقيات وما لي ولتقليدهم الأعمى في كل شيءٍ من دون بصيرة ولعلهم أيضًا لا يريدون مني ذلك.
وترى في آخر الإقليد اسم كتاب اليوم والليلة والشهر والسنة والدهر على ما سماه مؤلفه أبو عمر الزاهد بالترتيب الطبعي ولو راعى هذا الترتيب الأخرق لعكس اسمه ولقال كتاب الدهر والسنة والشهر والليلة واليوم. ولكن ماذا كان يغني عند ترتيب هذه الكلمات اليسيرة على الحروف وترك الجادة الطبعية وهي تقديم الأهم والأخص الخ.
(٢) كنت ذكرت في مقدمتي أنني أغفلت عن جلّ حوالات الكتاب كتاب سيبويه وشرح الرضي فقلما خلا من ذكرهما صفحة وأثبتُّ منها ما كان يستحق العناية وقد قال الأول "إلا إن من أنذر فقد أعذر" ولكن صدق أخوه "رب لائم مُليئم" وآخر "رث ملوم لا ذنب له" فإنه لم يعذرني مع أنه ذَكَرَه ذِكْرَ من لا يسيغ هذه اللقمة ولا يلفظها.
تُلجلج مضغةً فيها أَنيضٌ ... أصلّت فهي تحت الكشح داءُ
وبيني وبينك الإنصاف أيها القارئ ماذا كنت تستفيد من سرد نحو ٢٥٠٠ حوالة على الأقل وهو عداد صفحات الأصل. ولله در أبي العلاء:
ولا نفس جدّي إن دهرك هازل
أليس إذن عجب عاجب في أن يقع بصره على هذه المغامز ويولي ظهره عن