لما جئتُ لأول مرة من "كاتهياوار" إلى مدينة "دهلي" بدأت أدرس الصرف والنحو على الطريقة التقليدية وكنت لا أعرف الفارسية والأردية، وقد ضيّعتُ ثلاث سنوات حتى وصلت إلى مرحلة "شرح الجامي [على الكافية] ". ثم وفقني الله الطريق السوي، وعرفت أني كنت أمشي على غير هُدىً، فتركت الطريقة التقليدية، ولم أكلّف الأساتذة إلا قليلًا، واعتمدت على جهودي الشخصية، ودرست هذه الكتب مع شروحها بإمعان النظر فيها:
في الصرف: شروح الشافية.
في النحو: شروح الألفية، والمفصل، والأشباه والنظائر، وبعض المتون الخطية، مثل لب الألباب للأسفرايني، وتسهيل الفوائد، وغير ذلك.
وبهذه الطريقة استرحتُ من نحو الفقهاء والمناطقة. وقد نفّرْتني من النحو بعض المسائل الخاطئة في "الكافية"، منها:"لا يضاف موصوف إلى صفته، ولا صفة إلى موصوفها، "وجامع الغربي" ونحوه شاذ"، والحقيفة أن اللغة العربية مليئة بمثل هذه الإضافات؛ وهناك بعض المسائل الأخرى التي فتحوا فيها باب التأويل، وأوقعوا طالب النحو في مشكلة الخصام والدفاع عن رأيٍ أو ضده، يبذل فيها جهوده بدون جدوى. هذه الأمور دفعتني إلى سوء الظن بهذه الكتب، فإن الطالب يقصد إصلاح لغته لا أن ينحاز إلى فريق دون فريق.
ثم أرشدتني دراسة "المفصل" و"كتاب" سيبويه إلى الأدب. والبحث عن
(*) نشر هذا المقال بالأردية في مجلة "الندوة" الصادرة بلكنو، عدد نوفمبر ١٩٤١ م. ثم أدرج في كتاب "مشاهير أهل علم كي محسن كتابي" (ص ١٠٤ - ١٠٩) نقلًا عن المجلة. وقام بتعريبه محمد عزير شمس، وعلق عليه في مواضع.