[ترجمة العلامة البغدادي مؤلف كتاب الخزانة [من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحيي ٢: ٤٥١ - ٤٥٤]]
عبد القادر بن عمر البغدادي نزيل القاهرة الأديب المصنف الرحَّال الباهر الطريقة في الإحاطة بالمعارف والتضلع من الذخائر العلمية، وكان فاضلًا بارعًا مطلعًا على أقسام كلام العرب النظم والنثر راويًا لوقائعها وحروبها وأيامها، وبيان يحفظ مقامات الحريري، وكثيرًا من دواوين العرب على اختلاف طبقاتهم وهو أحسن المتأخرين معرفة باللغة والأشعار والحكايات البديعة مع الثبت (كذا ولعل صوابه التثبت) في النقل وزيادة الفضل والانتقاد الحسن ومناسبة إيراد كل شيء منها في موضعه مع اللطافة وقوة المذاكرة وحسن المنادمة وحفظ اللغة الفارسية والتركية وإتقانهما كل الإتقان ومعرفة الأشعار الحسنة منهما وأخبار الفرس. خرج من بغداد وهو متقن لهذه اللغات الثلاث وورد دمشق وقرأ بها على العلامة السيد محمد بن كمال الدين نقيب الشام وعلى شيخنا النجم محمد بن يحيى الفرضيّ في العربية وأقام في دمشق في مسجد قبالة دار النقيب المذكور مقدار سنة ثم رحل إلى مصر فدخلها في سنة خمسين وألف بعد فتح بغداد بعامين وأخذ العلوم الشرعية وآلاتها النقلية والعقلية عن جمع من مشايخ الأزهر أجلَّهم الشهاب الخفاجي والسري الدروري والبرهان المأموني والنور الشبراملسي والشيخ ياسين الحمصي وغيرهم. وأكثر لزومه كان للخفاجي قرأ عليه كثيرًا من التفسير والحديث والأداب وأجازه بذلك وبمؤلفاته (انظر صورة الإجازة في المقدمة). وكان الخفاجي مع جلالة عظمته يراجعه في المسائل الغربية لمعرفته مظانها وسعة اطلاعه وطول باعه. حكى صاحبنا الفاضل مصطفى بن فتح الله قال قلت له لما رأيت من سعة حفظه واستحضاره: ما أظن هذا العصر سمح برجل مثلك. فقال لي: جميع ما حفظته قطرة من غدير الشهاب وما استفدت هذه العلوم الأدبية إلَّا منه. ولما مات الشهاب تملَّك أكثر كتبه وجمع كتبًا كثيرة غيرها. وأخبرني عنه بعض من لقيه أنَّه كان عنده ألف ديوان من دواوين العرب العاربة. وألف المؤلفات الفائقة منها:(١) شرح شواهد شرح الكافية للرضي الإسترابادي في ثمان مجلدات جمع فيه علوم الأدب واللغة ومتعلقاتها بأسرها إلا القليل ملكته الروم وانتفعت به ونقلتُ في مجاميع لي نفائس أبحاث يعز وجودها في غيره. وله أيضًا (٢) شرح شواهد شرح الشافية للرضي أيضًا. و (٣) الحاشية على شرح بانت سعاد لابن هشام