للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجلة الفقهاء لا يعشو الفتى ... ناري ولا ينضو المطي عزائمي

ومما يبعث على العجب أن مرجليوث يدعي أنه أقام بمنطقة قديمة في بغداد تاركًا "كرخ" يعني بغداد الجديدة، رغم أنه قرض كثيرًا من الأبيات في ذكرى "كرخ" في قصائده من "اللزوم" و"السقط" حيث يخاطب أهل كرخ متمثلًا بالبيت التالي وهو عائد من بغداد:

وما الفصحاء والصيد واليد ودارها ... بأفصح قولًا من أمائكم الوكع

وقد بحثت ذلك بتفصيل في كتابي، فليراجع.

[الجهل بعادات الشرق]

ترجع بعض الأخطاء إلى الجهل بعادات الشرق كما يلي:

٩ - يقول (١): إن ما ذكره أبو العلاء من ضعف الوضع العقلي والجسمي لوطنه يبعث على الأسف، ولكن لم يصدق ذلك أحد غيره ويستطرد مرجليوث يقول: إن ما نعرفه عن أهل معرة يحملنا على أن نقدر وضعهم العقلي أكثر مما ذكره أبو العلاء، معنى ذلك أن معرفته عن أهل معرة أشمل وأوسع من أبي العلاء وأنه مخطئ في تصريحه، يا سبحان الله، كيف رماه بالكذب والإغماض عن الواقع رغم أن أبا العلاء شرقي نسجت لحمته وسداه من الاستكانة ونفي الذات ورضع من لبان التواضع وعدم الترفع ما يدفعه إلى أنه يعرض نفسه وكل ما يتعلق به أقل وأصغر مما هو عليه، كما يتجلى ذلك بوضوح في البيت الذي يلي (٢):

أتسأَلون جهولًا أن يفيدكمُ ... وتحلبون سفِيًّا ضرعها يبس

فهل يعتبر مرغليوث أبا العلاء جاهلًا أو يتصدى لتغليطه بإيعاز من تصريحات الآخرين، هذا، وكان أبو العلاء بلغ هدفه المنشود في العلو والنبل غاية تراءت معها المعرة له ضيقة الآفاق فلم يعتبرها مجالًا متسعًا لممارسة نشاطاته وتحقيق غايته، ولذا كان يحلم ببغداد منذ ريعان شبابه حيث يقول:


(١) م. ص ٢.
(٢) اللزوم ٢/ ٢٣ من طبعة صادر (م. ي.).

<<  <  ج: ص:  >  >>