ابن بشر بن مرثد السكوني في جبال تهامة ومحالّها، يحمل جميع ذلك عن أبي الأشعث الكندي عن عرّام بن الأصبغ السلميّ الأعرابيّ.
وكذلك يقول ياقوت في رسم (النَقِرة):
قال أبو عبيد الله السكوني هكذا ضبطه ابن أخت الشافعي بكسر القاف. فراوي نسختيهما إذن السَكوني، كما أن روايتنا عن ابن أبي سعد الوَرّاق ورواية ياقوت أوفقهما بروايتنا. وقد وقف الرجلان على كتاب عرّام، وانتشلا جُلّ ما فيه أو قُلْ كُلَّه، ولا تتحرَّج ولا تتأثّم، وأورداه في معجميهما كقول فصل ناطق في القضيّة حَسْمًا لمادّة الخلاف وتطبيقًا لمفصل الإصابة:
إذا قالت حذَامِ فصدِّقوها ... فإنّ القول ما قالت حَذامِ
ويظهر بعد مقابلة الروايتين أن نسخ الكتاب كانت مختلفة جِدَّ اختلاف منذ قديم، وقد أورث هذا الاختلاف المتوارَث، إلى اختلافات الورّاقين، وتصحيفات النُسّاخ الحادثة، تضاربا في الأقوال والمذاهب فاحشًا، وتشتتًا في تسمية الأماكن والبقاع وغيرها وضبطها ووصفها وتحديدها غير هَيِّن؛ وأنا لا أرى العناية برفعه الآن، ونحن في النصف الأخير من القرن الرابع عشر، إلَّا نوعًا من الخَبَل، وضربا في حديد بارد، فتركتُه على غَرّه الأوّل لهؤلاء الشرذمة النابتة في عصرنا الذين يملأون فراغ التاريخ بأوهامهم الفجّة الغير الناضجة، فيَضِلّون ويُضِلُّون، ويجتهدون بدون آلة ويخطئون، ولكن ذلك بعد التنبيه عليه، ولَفْت الأنظار إليه.
وأرى في الختام أن أعرّف بهذه الخزانة وأنوّه بها، وهي تعزى إلى المفتي محمد سعيد خان بحيدر آباد كان، وهو جوهرة هذه العائلة العالمة العربيّة التي أقامت بسواحل جَنوب الهند أكثر من ثلثه قرون (بيجابور، كَوثه، بِيدر؛ زكات، مدراس) ومن هذه انتقل المرحوم سنة ١٢٨٤ هـ إلى حيدر آباد، بعد أن تبدّد شَمْل الإِمارات الوطنيّة الإِسلاميّة هناك، لِما عَمَّهم من الوَهْن والفَشَل والتخاذل أمام الأُمَّة القاهرة الأجنبيّة التي جاءتهم بما لا قِبَلَ لهم به، فضلًا عن الحِيَل والدسائس والمكايد، حيث قُلّد القضاء ثم الإِفتاء وتوفّى سنة ١٣١٢ هـ.
وكان ورث مجموعة هذه الكتب عن أسلافه، وزاد إليها ما اقتناه من الأعلاق، فبلغت ٢١٢٠ نسخة خطّيّة، أغلبها في الفقه والحديث ومتعلقاته ومعظمها ممّا جُلب